كان قاسياً وخارجاً عن المألوف في التعاطي مع المراجع الدينية، الكلام الذي قيل يوم أمس بحق البطريرك الماروني بشارة الراعي، من قبل الإعلام المؤيد للعملية العسكرية الروسية على أوكرانيا بحجة أن البطريرك قد قال كلاماً منتقداً لتلك الحرب. وقد تم وصفه بالمرائي (المنبوذ بالمفهوم الإنجيلي الذي يخالف تعاليم الدين) فهل كان مثل ذلك سيمر مرور الكرام لو أن كلاماً مماثلاً قيل بحق مرجعية دينية أخرى في لبنان؟
سؤال تداولته العديد من الأوساط المارونية والمسيحية بعدما تابعوا تلك الحملة على بكركي وما تمثله لدى الطائفة المارونية، أفليس من حق كل لبناني ان تكون له حرية الرأي التي يصونها الدستور اللبناني؟..
ففي عظته يوم الأحد الماضي قال البطريرك الراعي عن الأحداث في أوكرانيا: “نَشجُب ما يحصل في أوكرانيا ونؤكّدُ مفهومَ الحيادِ، لاسيما ببعدِه الإنسانيّ”. وتابع: “نصلّي لكي تتوقّف الحرب رحمةً بالأبرياء ولوضع حدّ للدمار والقتل والتشريد، وتبريدًا للغضب والبغض. ولكي يجلسَ الطرفان لحلِ النزاعِ بينهما سلميًّا”.
الواضح أن عبارة “الحياد” هي التي أثارت المنتقدين لبكركي لأن سيدها كان قد رفع المطالبة بالحياد في لبنان الأمر الذي فسره البعض بأنه يستهدف نزع سلاح حزب الله والتوجه نحو التطبيع مع اسرائيل كما تفعل بعض الدول العربية.
ولكن الواضح أن كلام البطريرك الراعي قد جاء استكمالاً لما قاله رأس الكنيسة قداسة البابا فرنسيس في الفاتيكان امام وفود اوكرانية حيث كان كلامه عالي السقف وضد الحرب حيث قال: “تجري في أوكرانيا أنهار دماء ودموع، الأمر لا يتعلق بمجرد عملية عسكرية وإنما بحرب تزرع الموت والدمار والبؤس”. داعياً إلى “تأمين ممرات انسانية ومساعدات “حيوية” لمدنيي أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي الذي اعتبر أنه بات يزرع “الموت والدمار والبؤس”.
فأيٌ من الكلام أشدّ وقعاً، أما أن يشار إلى البطريرك الراعي بعبارة إختتم بها أحد المقالات: «يا مرائي! أخرج أولاً الخشبة من عينك وحينئذ تبصر جيداً أن تخرج القذى الذي في عين أخيك» (إنجيل القديس لوقا).
ففي حالات أقل من مماثلة، وتوصيف أقل بكثير، كادت الأمور أن تؤدي إلى حرب أهلية في لبنان. لأن المرائين في الإنجيل المقدس هم :”الكتبة والفريسيون الذين يأكلون بيوت الأرامل ويبلعون الجمل، والقادة العميان والجهّال”، و”لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. و”لأَنَّكمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ، وَهُمَا مِنْ دَاخِل مَمْلُوآنِ اخْتِطَافًا وَدَعَارَةً. أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟ (كما جاء في انجيل متى)
أفليس في ذلك تطاول على المقامات الروحية وهل سيكون هناك تحركا للقضاء؟..
Related Posts