يفتح ″هادي زكاك″ برادي السينمات التي زارها خلال عمله، الغير مسبوق، وتحديدا في مدينة طرابلس وعنها واطلق عليه عنوانا لافتا ″العرض الأخير- سيرة سيلما طرابلس″.
يفتح كلامه على اتجاهي الشاشة .الأول على متن مساحتهاالبيضاء، والتي تسميها أوتصفها المدونا والكتابات بالفضية.فينطلق ليعرفنا على سلسلة الافلام التي عرضت عليها كما يخبرنا.ثانيا عن الصالة وكل ما له علاقة بها من معلومات، عن هندستها ، وتحول حيزها العمراني، واصحابها، المالكين لها، أو من حولها الى صالة للعروض السينمائية، وحجمها، وصولا الى عدد الكراسي وانقساماماكن الجلوس فيها الى توزعها صالة و بلكون وبينوار.
لا تغيب عنه ، وهو ينقب ويزيل غبار السنين، في هذا المجال، انواع الأفلام، التي تخصصت بها صالات بعينها من البوليسية الى التاريخية والمغامرات وأفلام عربية وهندية وغيرها الكثير من الأنواع التي طالت كل ما طرحتها افلام السينما على مدار السنوات كفن وصناعة وتوزيع وتجارة وصولا الى تأسيس أولى الصالات في المدينة حتى آخرها والمآل الذي وصلت اليه حالاتها في أيامنا الجارية.ولا ينسى وهو يجول على تواريخ وأنواع عروض الافلام ان يربطها بالواقع الاجتماعي والاحداث السياسية التي غزت الصالات السينمائية بالمهرجانات وحضور الاحزاب الحديثة وشخصيات تقليدية عامة سعت الى تنظيم لقاءات جماهرية من انواع مختلفة.
ويحضرنا قبل “الغوص” بموضوعية المؤلف وموضوعه واسلوب الإخبار عن الاحداث وعن اللحاق بسير تناول سير ما يزيد عنع ثلاثين صالة سينمائية والعمل على ارشفتها بحسب مواقعها الجغرافي أو مع زمن تأسيسها وأيضا من كان يملكها أويستثمرها في الاحياء المتوزعة في مختلف المناطق والشوارع على مدى حضور المدينة باسماء اماكنها وعمرانها وعبر تطور توسعها وتحولات الشوارع وامتداداتها وتنقل وانتقال الكثافة السكانية من محلة الى أخرى.
ينزع “هادي زكاك” الغبار وكثافة السنين ويقمش معلوماته مستخدما أكثر من مصدر. فيؤلف بين إفراد مجال لمن راقب بعضا من عمله،فيستكتبه مقدمة، ويلتقي بمن كان ناشطا في اندية السينما، ويتابع ذاكرة مالكين للصالاتومستثمريها. كما اانه يذهب الى ارشيف الصحف المحلية وبالخصوص هنا نذكر أعداد جريدة ” الإنشاء ” منذ تأسيسها وقلب صفحاتها مدة ايام جامعا منها كل ما له علاقة بمقال أو اعلان وخلافه له ادنى علاقة بالسينما.
هذا الجهد المتعلق بمدينة طرابلس لم يكتمل، في انتظام فصول الكتاب،اللا بالزيادة عليه بمجموعة من المقالات،إن جاز لنا الوصف، اهتمت بالأفلام وليس نوعها فقط بحيث يذكر اسماء الافلام التي عرضتها السينمات، كل سينما على حدا،كما يدخل بأسماء صانعيها والابطال،اي اسماء الممثلين وظروفالإنتاج والارباح التي تحققت للأفلام وكأنه بهذه النقطة يتحقق من انواع الافلام التي يفضلها جمهور على آخر. كما انه يلمح الى العروضالأولى في منطقة التل والعروض الثانية والثالثة التي تقام في الاحياء الطرفية للمدينة وما تسم هذه الحالة من فارق اقتصادي بين أماكن و غيرها.
ربما نكون قد سهونا عن المؤلفات التي كتبها عدد من ابناء المدينة والتي وثقت من خلال الحكايات الواردة فيها،وكل بحسب خبرته الشخصية، عن احداث جرت داخل الصالات او حولها وتعددت فيها الوقائع.
قد يظهر كتاب ” هادي زكاك ” كتاريخ لمرحلة ذهبت بدون رجعة، وهذا امر موضوعي، للأزمة التي لا تخفى على أحد باعتبار ما آلت اليه حالت إبتعاد الجمهور عن الصالات لحساب الاقنية التلفزيونية وللمواقع المنصات والتطور التقني المصاحب لذلك.
غير ان المؤلَف – الكتاب يطرح علينا الكثير من القضايا والمعلومات والوثائق اللتي استدعت جهودا لافته استغرقت وقتا ومنهجا علميا دقيقا وأمانة علمية لم ينقصها أي خط يطرح من خلاله ما يوفي الموضوع حقه. ولعل التشاؤم في بعض الاحيان قاس، وهو مبرر،لما أصبحت عليه حالت السينما في مظاهرها كافة وللتبدل الحاسم بين التقنيات وشروط التوزيع والعرض وما استجد على اساليب الانتاجات.
وكأن الكتاب يقدم صفحات جديدة وعصر مختلف يطل على فن السينما، ولعلى مسعى ” هادي” لصناعة فيلم وثائقي عن الموضوع ذاته ،المتعلق بسينمات طرابلس، من المادة التي تجمعت لديه على مدى اربع سنوات يؤكد على اهمية هذا العمل الوثائقي والخبرات التي يأتي بها،وهي شبه معدومة عندنا وقليلة عموما،نادرة هنا ومن البديهي ان تكون طرابلس قد ربحت كتابا موسوعيا سيليه فيلم وثائقي يفتح صفحات المدينة نتمنى ان يصبح متوفرا بكثير من الحب والإهتمام بمتناول الجميع. وكم سيكون جميلا ان يحصل علي الكتاب ولاحقا الفيلم بأعدادكبيرة من ابناء المدينة حفظ ذاكرتها فيحميها أهل البلد في مكتباتهم الخاصة!
Related Posts