شكلت زيارة قائد الجيش العماد جوزيف عون الى طرابلس أمس، ولقائه القيادات الروحية الاسلامية والمسيحية، خطوة متقدمة على صعيد تمتين التواصل القائم بين المؤسسة العسكرية وطرابلس بمختلف قياداتها السياسية والدينية، كما عكست إهتمام الجيش قائدا وضباطا بالعاصمة الثانية، وأكدت متانة العلاقة التي تتطور يوميا بشكل إيجابي بفعل وجود ضباط سواء في المخابرات أو الجيش يتمتعون بالمناقبية العسكرية ويطبقون القوانين بشكل كامل من دون إستنسابية أو محاباة وذلك بحسب شهادات لعدد كبير من مشايخ المدينة خلال لقائهم القائد.
الزيارة التي تم تنسيقها مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي حملت الكثير من الايجابيات والدلالات، خصوصا أن قائد الجيش أبدى كل تعاون وإنفتاح وتنسيق مع كل القيادات لازالة الهواجس والمخاوف الناتجة عن بعض الشائعات والتحليلات التي تتحدث عن إنفجار أمني قد يبدأ من طرابلس، حيث أكد أمام من إلتقاهم بأن الجيش حاضر في المناطق، وخصوصا في طرابلس التي تعتبر مهمة جدا بالنسبة للمؤسسة العسكرية.
في دار الفتوى حيث المحطة الأولى، إلتقى الجنرال عون المفتي الشيخ محمد إمام، ونحو 24 شيخا من أئمة المساجد في مختلف مناطق طرابلس والجوار، وقد إتسم اللقاء بكثير من الصراحة والانفتاح بين الطرفين.
وقد عرض عدد من المشايخ لبعض المطالب المتعلقة بما يُعرف بوثائق الاتصال التي تشكل سيفا مسلطا على آلاف الشباب، إضافة الى الأحكام القاسية التي تصدر عن المحكمة العسكرية والتشديد على ضرورة إدغام الاحكام وليس جمعها مع بعضها البعض، كما تم التطرق الى ما يحصل في مخيم الهول الذي يوجد فيه نحو 90 إمرأة وطفلا لبنانيين، والذي كلف رئيس الحكومة اللواء عباس إبراهيم بمتابعة أمره، لافتين الى ضرورة سحب هذا الملف من التجارة أو التوظيف، خصوصا أنه دخل عنصرا محفزا لبعض الشبان الذين غادروا من طرابلس للانضمام الى داعش.
وكذلك عرض بعض المشايخ للوضع الأمني في طرابلس مطالبين بتشديد الاجراءات العسكرية ليلا وإقامة الحواجز للحد من الفوضى التي تشهدها المدينة لا سيما على صعيد إطلاق النار المتكرر وتصفية الحسابات والسرقات المتنامية.
من جهته وعد قائد الجيش بمتابعة كل هذه الملفات والعمل على حلها، مشددا على أن طرابلس في قلب الدولة وهي لها أهمية كبرى لدينا، وأبلغ المشايخ أن الجيش سيفتح دورة تطوع بعد إقرار الموازنة، وأن العدد الأكبر سيكون من شباب طرابلس وعكار، لافتا الى رفضه إطلاق تسمية الارهاب على طرابلس وإذا كان هناك بعض الشبان غُرّر بهم فهذا لا يشمل الجميع، فنحن لدينا شهداء وجرحى وعسكر من طرابلس.
وأكد عون أن للمشايخ دور كبير في التصدي للارهاب من خلال الخطب والتوجيهات ولكونهم على تماس مباشر مع المجتمع، لافتا الى أن الوضع الاقتصادي صعب، ونحن نعيش في ظروف قاسية، وهؤلاء الشبان ليسوا مسؤولين عن هذا الوضع، لذلك علينا إستيعابهم، مشددا على أننا لن نستسلم وسنواجه كل الآفات لا سيما المخدرات التي يعاني منها كل لبنان.
وقد كرر قائد الجيش مواقفه في لقائه مع راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، بحضور ممثلين عن طائفة الروم الارثوذكس والروم الملكيين الكاثوليك، وكذلك في المجلس الاسلامي العلوي الذي أشاد بتضحيات الجيش.
بدا واضحا أن زيارة قائد الجيش الى طرابلس أعطت إرتياحا كبيرا إنعكس على كل من إلتقاهم، لا سيما المشايخ الذين خرجوا بانطباعات إيجابية حول تعاطي الجيش قائدا وضباطا مع المدينة وأهلها، ما ساهم في تعزيز الثقة المتبادلة والتي من المفترض أن يعكسها المشايخ في شارعهم برفض كل محاولات إستهداف طرابلس والجيش على حد سواء باتهامات لا تمت الى الواقع بصلة.
يقول المفتي الشيخ محمد إمام لـ”سفير الشمال”: كانت الزيارة ناجحة وإيجابية بكل المقاييس، ونتج عنها إرتياحا كبيرا خصوصا في جلسة المصارحة التي عقدت مع قائد الجيش الذي إستمع بروحية التعاون والتكامل الى كل الهواجس حول ما يتداوله الناس وما يُبث من شائعات، وقد تفهم كل المطالب مؤكدا العمل على إيجاد حلول عملية لها، فضلا عن متابعة بعض القضايا التي ليست من صلاحياته مع المسؤولين المعنيين.
وأكد إمام أن ثمة نفَسَاً عسكريا جديدا مع طرابلس من خلال الضباط المتواجدين في المدينة، والذين يُشعرون الطرابلسيين بأن الأمن لا يكون فقط بالحديد والنار، وإنما يكون بالحوار والتعاون والتكامل ومعالجة أسباب الأزمات للوصول الى نتائج إيجابية.
مع مغادرة قائد الجيش طرابلس بدأت الاجراءات العملية لحفظ الأمن، حيث شهدت المدينة ليلا دوريات مؤللة وحواجز ظرفية ساهمت في طمأنة المواطنين.
Related Posts