معظم اللبنانيين الذين تابعوا القصة المؤلمة للطفل ريّان اورام في المملكة المغربية ذرفوا دموعاً كما فعل كثير من مواطني دول العالم أجمع على طفل ابن خمسٍ من السنوات لم يتحمل قلبه وجسده البقاء خمسة أيام في بئر عميقة بدون طعام او رعاية.
لكن العديد من اللبنانيين أرادوا أن يشبّهوا جزءاً يسيراً من معاناتهم منذ سنتين ونصف بمعاناة الطفل ريان، فظهر الفارق شاسعاً بالرغم من أن الحالتين تنبعان من إنسانية مجردة:
فالعالم أجمع تعاطف مع ابن الخمس سنوات لأن فِرَق الإنقاذ لم تستطع إيصال الطعام له وهذا موقف انساني مشكور، ولكن هذا العالم نفسه يغض الطرف عن معاناة شعوب كثيرة ومنها الشعب اللبناني الذي يذوق الأمرّين منذ سنتين ونصف إن لجهة نهب أمواله أو الضغوطات الإقتصادية التي تجعل منه متسولاً على أبواب العواصم الإقليمية والدولية، وقد يصل يوماً يحتاج فيه إلى كسرة خبز، فهل العلة في الشعب اللبناني لتعملوا على إذلاله بهذه الأساليب؟ أم في سياسييه الذين أفسدوا كل شيء وعلى العالم مد يده للشعب كي يجد الطريقة المناسبة لمحاسبتهم؟.
والعالم أجمع ابدى تحسره على عدم تمكن فرق الإنقاذ المغربية من إيصال الأدوية اللازمة لإنقاذ حياة ريان! ولكن هذا العالم نفسه يغض الطرف عما يصيب الأطفال والعجزة في لبنان الذين يعانون من أمراض مزمنة ولا يستطيعون تأمين الأدوية الضرورية لإبقائهم على قيد الحياة، ناهيك عن الأدوية العادية التي إرتفعت أسعارها أضعافاً مضاعفة وما زالت مفقودة. فما هو ذنب هؤلاء لا يُقدم العالم على تقديم العون لهم من باب التعاطف الإنساني الذي فقده المسؤولون في لبنان؟.
معظم الصحافة العالمية ومواقع التواصل الإجتماعي عنونت: “ريّان المغربي كسر قلب العالم”، ومن ضمن هذا العالم اللبنانيون أيضاً، ولكن ما هي العلّة التي تمنع ذاك العالم او على الأقل جزءاَ منه، أن يتعاطف ولو في الحد الأدنى مع شعب دفعه مسؤولوه نحو جهنم فيما العالم لا يقف متفرجاً فقط بل إنه يعمل على تسهيل تلك الطريق له. وكأنه بات شعباً منبوذاً ليس لا يحق له العيش بكرامة وإنما يجب ان يبقى في تلك الحفرة العميقة إلى ما شاء الله بدون طعام أو شراب أو ادوية … حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن تصل إليه أية مساعدة… فليتفضل ذاك العالم الذي يدّعي الحرص على “حقوق الإنسان” أن يشرح للشعب اللبناني اسباب هذا الحقد عليه. وفي هذا السياق لا بد من الترحم على روح الشاعر أديب اسحاق والإستئذان بتذكّر بعض أبياته التي تعكس الواقع الذي نعيش:
قـتـل امـرئٍ فـي غابةٍ جــريـمـةٌ لا تُـغـتَـفـر
وقـــتـــل شــعــبٍ آمــنٍ مــسـأَلةٌ فـيـهـا نـظـر
فربما على الشعب اللبناني أن يُنفّذ ما يطلب منه الغرب وحلفاؤه بدون أي اعتراض أو حتى سؤال، ليستطيع إلتقاط لقمته!
Related Posts