لبنان إلى أين؟… عبد الكافي الصمد

إلى أين؟ السّؤال الشهير الذي كان رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط يطرحه وما يزال عند كلّ إستحقاق وتطوّر هام، بات اللبنانيون اليوم يسألونه من غير أن يجدوا له جواباً، في ضوء الإنهيار الشّامل الذي يعانون منه، وتدهور أوضاعهم المعيشية بشكل خطير.

منذ نحو سنتين بدأت أوضاع اللبنانيين بالتدهور، وبالتحديد منذ اندلاع شرارة الحَراك الشّعبي في 17 تشرين الأول 2019، وهو تدهور طال كلّ شيىء في البلد، وجعل أيّام اللبنانيين وأحوالهم في غاية الصعوبة، بشكل لم يعهدوه في أحلك الأيّام صعوبة حتى تلك التي عاشوها أيّام الحرب الأهلية، ما جعل لبنان يعيش تداعيات أزمة غير مسبوقة، جعلتها من بين 3 أزمات هي الأشد خناقاً والأكثر صعوبة منذ 150 سنة، حسب ما أعلنت الأمم المتحدة في تقرير لها قبل أشهر.

أسئلة الشّريحة العظمى من اللبنانيين كثيرة، منها: إلى أين سيصل لبنان في انزلاقه نحو قعرٍ لا نهاية له، وإلى أين سيصل تدهور سعرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي وبقية العملات الصعبة، وإلى أين ستصل أسعار المحروقات من بنزين ومازوت وغاز، وإلى أين ستصل أسعار الخبز والحليب والمواد الغذائية الأساسية، وإلى أين ستصل أسعار الأدوية والمستلزمات الطبّية، وإلى أين تسير المستشفيات والقطاع الطبّي، وإلى أين ستصل المدارس والجامعات، وإلى أين سيصل البلد وهو يرى آلاف الكفاءات من أبنائه يهاجرون منه إلى أصقاع العالم كافّة؟

ويزيد اللبنانيون على اختلافهم من تساؤلاتهم، حول إلى أين تريد الطبقة السّياسية الحاكمة أن تصل بالبلاد بعدما عاثت فيه فساداً وسرقة ومحاصصة، وهل يمكن للبلد أن يستمر على هذا المنوال، وإلى متى، وإلى أين سيصل العهد والحكومة والمجلس النيابي والمجالس والصناديق بلبنان، بعدما أغرقوه في أزمات باتت تحتاج الى معجزة للخروج منها، ومديونية تعجز عنها دول عظمى، في زمن لم يعد للمعجزات وجود، وإلى أين تقود الطبقة السياسية البلاد والعباد والأرزاق في سجالاتهم البيزنطية حول الصلاحيات، والإصلاحات، والإنتخابات، والتعيينات، والمحاصصة، والمحاسبة، والتحقيقات الجنائية وسجال الرئاسات وغيرها، وهل أنّ الخطابات الجوفاء والتحريض السياسي والطائفي والمذهبي يطعم خبزاً في بلد بات أغلب سكانه يعيشون على خط الفقر وتحته، يكابدون من أجل تأمين لقمة خبز مغمّسة بالدموع والدم وعرق الجبين .. والذّل؟

طيلة سنتين ونيّف كانت هذه الأسئلة تطرح من قبل اللبنانيين على كلّ المستويات، إنّما من غير أن يجدوا لها أجوبة، وإذا حصلوا على أجوبة فهي إمّا كانت غير صحيحة، أو مضلّلة، أو ذرّ للرماد في العيون، أو جوفاء، وخصوصاً تلك الأسئلة المتعلقة بوضع الليرة ومستقبل الأجيال ومستقبل البلد، الذي بات على كفّ عفريت في ظلّ أزمات الداخل والخارج، التي جعلت لبنان أشبه بسفينة تغرق من بحر تتلاطم أمواجه، بينما ربّان السفينة (أيّ الطبقة السياسية) لا يعرف إلى أين ذاهب، لا هو ولا البلد .. ولا الناس.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal