يهتز تفاهم ″مار مخايل″ بقوة على وقع الضربات المتتالية التي يسددها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إليه، والذي يبدو أنه يتجه في مسار تصعيدي بالمواقف ضد حزب الله، بعد الصفعة الموجعة التي تلقاها بـ″اللاقرار″ من المجلس الدستوري، وسقوط التسوية التي كان يأمل أن تُبعد عنه كأس تصويت المغتربين لـ 128 نائبا.
بعد تهديد باسيل أمس الأول بأن “ما صدر عن المجلس الدستوري لن يمر من دون ثمن سياسي” في إشارة الى الثنائي الشيعي ولا سيما حزب الله، رفع باسيل من وتيرة هجومه حيث إنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي أمس مقطع فيديو يقول فيه: ما حدا منا يخاف من بكرة.. نهار يلي بدنا نكون مستقويين بغيرنا عمرنا ما نكون، نحنا أقوياء بذاتنا وبحالنا، وما حدا بيحقلو يخاف، واللي ما بكون معنا ومع قضية الحق تبعنا عمرو ما يكون”.
وإذا كان بعض المتابعين ظنوا أن “الثمن السياسي” الذي تحدث عنه باسيل في مؤتمره الصحافي ربما يقصد فيه تهديد حزب الله، فإن ما صدر عنه أمس بالصوت والصورة يؤكد بما لا يقبل الشك، أن باسيل فقد أعصابه بشكل كامل تجاه الحزب وتعاطيه معه ووقوفه الى جانب الرئيس نبيه بري ضده، ما يجعل تفاهم مار مخايل بالنسبة له غير فاعل وغير مجدٍ، خصوصا أن كثيرا من المحيطين بباسيل، يتحدثون علانية بأن “حزب الله لم يقف الى جانب عهد الرئيس ميشال عون وهو غض الطرف عن التعطيل تارة، وتسبب بالتعطيل تارة أخرى، وهو اليوم يتطلع كيف ينتهي العهد الى فشل كامل من دون أن يحرك ساكنا”.
هذا الواقع القائم عشية إنتخابات نيابية مرتقبة تعتبر مصيرية بالنسبة لباسيل، دفعه الى رفع السقف السياسي في وجه حزب الله ظنا منه بأنه قادر على شد عصب جمهوره بالدرجة الأولى ومن ثم إستمالة الشارع المسيحي، أو ربما لدفع الحزب الى المبادرة تجاهه غير سلسلة من الخطوات الايجابية.
حتى الآن يلتزم الحزب بالصمت، كما لاحظ متابعون أن نواب وقيادات حركة أمل لم تعر إهتماما لكلام باسيل ولم ترد عليه، خصوصا أن الثنائي الشيعي يدرك حجم الصفعة التي تلقاها بالقانون الانتخابي وحالة الغضب التي تتملكه جراء شعوره بأنه يتجه الى تجرع الكأس المرّ من خلال تصويت المغتربين الذين يميلون بمعظمهم نحو المعارضة، والمجتمع المدني الذي يحرص رئيس الجمهورية في كل لقاء له، على التشكيك به وبتمويله وبانتمائه.
هذا الصمت من قبل الثنائي، وخصوصا من حزب الله، يأتي إنطلاقا من قناعة بأن “ذهاب السكرة ومجيء الفكرة” لدى باسيل سيدفعانه الى إعادة حساباته، خصوصا أن التيار الوطني الحر في حال إستمر في العمل على إلغاء مفاعيل تفاهم مار مخايل سيجد نفسه وحيدا من دون أي حليف في المعركة الانتخابية، علما أن حزب الله يُعتبر حليفه الوحيد، كونه غير قادر على التحالف مع القوات اللبنانية أو الكتائب، وكذلك مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وهؤلاء جميعهم يرفضون هم التحالف معه، وأيضا هو غير قادر على التحالف مع المجتمع المدني الذي يخوض الانتخابات تحت شعار “المطالبة برأس باسيل” وما شعارات ثورة 17 تشرين 2019 ببعيدة عن توجهات المجتمع المدني.
تؤكد مصادر سياسية مراقبة أن إبتعاد باسيل عن حزب الله سيلحق به خسارة كبيرة في الانتخابات قد تصل الى حدود عشرة نواب.
وتلفت المصادر نفسها، الى أن ما يقوم به باسيل اليوم هو قفزة في المجهول، وربما يخطئ في حساباته إذا كان مقتنعا أو أقنعه أحد بأنه يستطيع خوض الانتخابات بمفرده كما حصل عندما واجه التحالف الرباعي ( حزب الله، أمل، المستقبل والاشتراكي) لكن في ذاك الوقت كان باسيل رمزا من رموز المعارضة، بينما يُعتبر اليوم رأس السلطة السلطة التي يسعى المعارضون الى إسقاطها، فضلا عن أن سلوكه السياسي خلال الفترة الماضية أدى الى خسارته الكثير من جمهوره، حيث تشير المعلومات الى أن التراجع الشعبي الموثق بالاحصاءات التي ترد إسبوعيا الى باسيل وقيادة التيار قاربت الثلاثين بالمئة.
لذلك، تعتقد هذه المصادر أن حزب الله سيتفهم غضب باسيل وسيعطيه فرصة خلال عطلة الأعياد لقراءة متأنية للتطورات، وإعادة النظر في الحسابات، قبل أن يبني على الشيء مقتضاه!..
Related Posts