قبل نحو أسبوع، وعلى وجه التحديد يوم الأحد في 12 كانون الأوّل الجاري، أعلنت وزارة الداخلية السّورية، في تعميم لها، عن “السّماح بدخول جميع الرعايا اللبنانيين إلى سوريا إعتباراً من يوم غدٍ الإثنين” (13 كانون الأوّل 2021)، لكن “شريطة التقيّد بالإجراءات الصحّية المتخذة من وزارة الصحّة، والتي تشمل تحليل PCR لم يمضِ عليه أكثر من 96 ساعة من المختبرات اللبنانية المعتمدة أصولاً، أو شهادة تثبت الحصول على لقاح ضد فيروس كورونا”، حسب ما جاء في التعميم السوري.
قرار السّلطات السّورية إعادة فتح حدودها أمام اللبنانيين بشكل طبيعي جاء بعد قرابة سنة وتسعة أشهر من إغلاقه هذه الحدود، في 22 آذار 2020، بسبب تفشّي فيروس كورونا، وإنْ كانت إستثنت من قرارها حينذاك سيّارات الشّحن، مع إخضاع السّائقين للفحوص الطبّية اللازمة في المراكز الحدودية، في حين إتخذت السّلطات اللبنانية إجراءات مماثلة تقريباً.
خلال هذه الفترة كانت آلاف الطّلبات من مواطنين لبنانيين تقدّم إلى السّفارة السّورية في بيروت أو إلى الأمن العام اللبناني، تطلب منهم الحصول على استثناءات لزيارة سوريا لأسباب مختلفة، ما جعل الضّغوط الكبيرة من لبنانيين يريدون الدخول إلى سوريا تدفع السّلطات السّورية إلى إعادة النّظر في قرار إغلاق الحدود، وإعادة فتحها، بعد وضع ضوابط صحيّة تفرض على كلّ لبناني ينوي زيارة سوريا.
إعادة فتح الحدود السّورية أمام اللبنانيين ترك إرتياحاً واسعاً في أوساطهم، خصوصاً أنّ سوريا تمثل الحدود البرّية الوحيدة بالنسبة للبنان، والرّئة التي يتنفّس منها، كما أنّ القرار جاء في وقتٍ أحوج ما يكون فيه اللبنانيون إلى بلدٍ مفتوحة أبوابه أمامهم بهدف استيراد أو تصدير سلعٍ معيّنة، وتساعدهم ولو بقدرٍ معيّن في مواجهة وتجاوز الأزمة الإقتصادية والمعيشية الخانقة التي يرزحون تحتها، خصوصاً أنّ الدّخول إليها أسهل من الدّخول إلى بلدٍ آخر لأنّه لا يحتاج إلى أيّ تأشيرة.
هذه الإيجابية في إعادة فتح الحدود تُرجمت سريعاً في استيراد سوريا كميّات من الإنتاج الزّراعي اللبناني، كالبطاطا مثلاً، لتعويض النقص الحاصل في نتاجها الزّراعي الذي نقص هذا الموسم لأسباب مختلفة، ما فتح الباب أمام تصدير كميّات من المنتجات الزّراعية اللبنانية المتراكمة إلى الخارج، سوريا حالياً والعراق والأردن لاحقاً، والتي كانت دول الخليج العربي تستورد نحو 60 % منها سنوياً، وهي منتجات توقّف تصديرها في الآونة الأخيرة بسبب الأزمة التي نشبت بين لبنان ودول خليجية، وأدّت إلى إيقاف الأخيرة إستيرادها لها.
إيجابية أخرى حصلت في إعادة سوريا فتح حدودها مع لبنان، تمثّلت في تدفّق قرابة ألفي لبناني يومياً نحو سوريا، بالرّغم من الإجراءات والتدابير المتّخذة، لأهداف عدّة أبرزها شراء سلع غذائية وأدوية تحديداً أسعارها في السّوق السّورية أقل من أسعارها في السّوق اللبنانية، في تطوّر سيهسم بلا شكّ في تخفيف تداعيات الأزمة المعيشية في لبنان، ما دفع مراقبين إلى توقّع إرتفاع أعداد اللبنانيين الذين سيزورون سوريا بالأيّام والأشهر المقبلة، إلى حدّ جعل البعض يقول لو أنّ الوضع في سوريا مستقرٌ إقتصادياً وأمنياً كما كان الوضع فيها قبل اندلاع الحوادث فيها عام 2011، لكان أكثر من نصف الشّعب اللبناني موجودٌ اليوم في سوريا، هرباً من الضّائقة التي يعيش فيها.
ما سبق يدفع الدّولة اللبنانية إلى اغتنام الفرصة من أجل تحسين العلاقات بين لبنان وسوريا، وتطويرها، والحرص على متانتها كما الحرص على متانة العلاقات بين لبنان ودول عربية أخرى مثل دول الخليج، خصوصاً أنّ سوريا بحكم التاريخ والجغرافيا تعدّ أولى من غيرها من البلدان بأن تكون علاقات لبنان معها جيّدة ومميزة.
Related Posts