من هو الشيطان الأخرس الذي ينتظر حلاً من السماء؟… مرسال الترس

حال اللبنانيين في هذه المرحلة البالغة الصعوبة تشبه إلى حدٍ كبير حال أهل القسطنطينية عندما كانت محاصرة من قبل جيوش معادية، في حين كان أهلها يختلفون على جنس الملائكة. فاللبنانيون البسطاء يغرقون ساعة بعد ساعة نتيجة الخناق الذي يشتد على رقابهم ويتجهون بسرعة فائقة نحو الإنهيار الشامل، فيما كبار القوم يتبادلون الإتهامات من دون رغبة لديهم مثلاً في معرفة من يتلاعب بالدولار، حيث وصل الأمر بأحد السياسيين إلى التلطي وراء إخفاء هويته والقول سراً: “إن المسار التصاعدي لسعر صرف الدولار الأميركي لن يتوقف، طالما أن من يقف خلف التلاعب بالسوق السوداء مُصرٌ على تحقيق أهدافه السياسية عبر إحداث فوضى شعبية”! 

كلام يعكس حقيقة ما يجري في لبنان لأن من يقفون وراء إنهيار العملة الوطنية لا يهمهم حجم نتائج الفوضى، ولكن المشكلة هي أن الذين يُفترض أن يواجهوا تلك الحالة الخارجة عن المألوف، إما لاهون بـ “جنس ملائكة” الدستور والقوانين، وإما انهم متقاعسون عن إتخاذ القرارات الحاسمة بمواجهة وضع خطر سيقضي على مقومات الوطن إذا ظل أهل الحل والربط يفتشون عن الترياق من هذا الخارج او ذاك. 

فاذا كنتم تعرفون من يدفع لبنان إلى هذا المنزلق الخطير جداً فتفضلوا بكشف هويته وإعملوا على إتخاذ الإجراءات التي توقفه عند حدّه، والا فان النتيجة تدفع المراقبين إلى الإعتقاد بأنكم مستفيدون مما يجري، وبالتالي متواطئون، أو بافضل الظروف خائفون من ذلك المجهول – المعلوم لألف سبب وسبب. 

وإذا كنتم تجهلون من يسعى لجر اللبنانيين إلى هاوية التقاتل الداخلي والفوضى التي تخدم أعداء الوطن فربما سيتهمكم أهل الوطن بالتقصير في آداء مهماتكم التي من ابسط شروطها السياسية معرفة قراءة المستقبل وإستشراف الحلول للأزمات.  

الساكت عن مد يد العون للبنانيين والمتقاعس عن القيام بواجباته مهما بلغت التبريرات التي يسوقها هو شيطان اخرس، يحق للبنانيين توجيه أصابع الإتهام إليه. ففي ظروف مماثلة لا يحق لأي مسؤول أن يقف في القطاع الرمادي والتفرج على ما يجري وانتظار أن يهبط الحل من السماء بل أن يختار بين القطاع الأسود المتآمر على الصيغة اللبنانية، أو القطاع الأبيض الذي يفعل المستحيل لإعادة الصورة اللبنانية  إلى الإطار الذي رسمه الآباء والأجداد، وعاش على حلمه اللبنانيون منذ الاستقلال حتى اليوم!..   


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal