الدعم الدولي في واد.. و″النكد السياسي″ في واد آخر!… غسان ريفي

مشهدان متناقضان يخيّمان على لبنان، الأول يتمثل بدعم دولي كامل لاخراج البلد من أزماته الاقتصادية والمالية والاجتماعية، والثاني سلطة سياسية “تُخرج النكد السياسي من تحت أظافرها” لتستخدمه في الصراعات والتجاذبات التي تعطل المؤسسات وتشل الحكومة التي يفرض رئيسها نجيب ميقاتي نفسه على المشهد الأول كعامل ثقة بالدرجة الأولى، ومن ثم بجرأته على مواجهة هذه التحديات والتي باتت محط تقدير صناع القرار في العالم.

في تفاصيل المشهد الأول، وصل السفير الفرنسي المكلف بتنسيق المساعدات الدولية في لبنان بيار دوكان الى بيروت حيث من المفترض أن يعقد سلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين للاطلاع على مصير خطة التعافي الاقتصادي ومسار الاصلاحات، إضافة الى ترجمة البنود التي وضعتها اللجنة المشتركة التي شكلها الرئيس إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال لقائهما الأخير في جدة، حيث جرى الاتصال الثلاثي الذي ضم إليهما الرئيس ميقاتي، ومن بينها إنشاء صندوق مشترك لتمويل المشاريع الانسانية، ودعم الجيش والقوى الأمنية، ووضع الجداول لتنفيذ الأولويات، الأمر الذي يؤكد فتح الباب السعودي ولو تدريجيا بواسطة المفتاح الفرنسي لدعم لبنان الذي يكاد يحظى باجماع دولي غير مسبوق على مساعدته بشرط أن يبادر الى مساعدة نفسه الأمر الذي لا يزال غير متوفر.

في غضون ذلك، توجه وزير الطاقة وليد فياض الى فرنسا للقاء المسؤولين في شركة توتال والبحث معهم في عمليات التنقيب عن الغاز والنفط لا سيما في  البلوكين الرابع والتاسع، وفي تلزيم باقي البلوكات، وذلك قبل عودة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت لمتابعة ملف ترسيم الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، حيث تشير المعلومات الى أنه سيحمل معه حلا وسطا بين لبنان وإسرائيل يقضي بتكليف شركة مقبولة من الطرفين لرعاية مصالحهما الى حين البت في الخلاف الحدودي البحري، على أن يتولى المفاوضات بشخصة من خلال جولات مكومية لانهاء الخلاف الحاصل، وبما يسمح للبنان بالاستفادة من مخزون النفط والغاز في مياهه الاقليمية.

أما في المشهد الثاني، فيبدو أن البلاد تتجه نحو مزيد من الاشتباك السياسي، بفعل الخلاف المتنامي على المحقق العدلي في قضية إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار الذي تشير المعلومات الى أنه يتجه لاتخاذ إجراءات جديدة وإصدار مذكرات توقيف إضافية إعتبارا من اليوم، ما يفرض مزيدا من التأزم والتوتر في الشارع، ومن التعطيل على الحكومة التي من المفترض أن تتناغم مع الدعم الدولي ـ العربي وتكون حاضرة لتلقفه بعقد إجتماعات متواصلة وإتخاذ التدابير المتعلقة بكيفية الاستفادة منه، إضافة الى ترجمة القرارات المتخذة في الاجتماعات الوزارية سواء المعيشية منها أو الاجتماعية أو تلك المتعلقة بمباشرة التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

تشير المعطيات الى أن إستمرار الوضع على ما هو عليه من التأزم غير المبرر في ظل الأوضاع المأساوية التي يشهدها لبنان، سيجعل المجتمع الدولي الداعم للبنان في واد، والسلطة السياسية اللبنانية الغارقة بخلافاتها في واد آخر، غير آبهة بمصير شعب كامل يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمات.. 


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal