ما بين قمة المناخ في غلاسكو وبين الفاتيكان جهود يسعى من خلالها رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ان يطرح القضية اللبنانية بكل مندرجاتها على طاولة صناع القرار لترجمة الدعم الدولي للبنان، واضافة المزيد منه، وذلك بفعل الديناميكية التي يتعاطى بها ميقاتي والتي تحظى باعجاب دوائر القرار في العالم وتفتح الطريق امام مساعدات يحتاج ترجمتها الى توافق لبناني على إعادة الانتظام السياسي العام والتخلي عن كل المصالح والانانيات والسعي نحو تحقيق المصلحة الوطنية العليا.
يدرك الرئيس ميقاتي ان اهتمام قداسة البابا فرنسيس بلبنان ليس مجرد كلام ايجابي، او احساس بالعطف على شعبه الذي يرزح تحت وطأة الازمات التي تتوالد يوميا، بل هو يترجم واقعا في كل لقاءات الحبر الاعظم الذي لا يستقبل رئيسا او مسؤولا في اي دولة معنية بمنطقة الشرق الاوسط الا ويكون الملف اللبناني طبقا اساسيا على طاولة البحث.
لذلك، فإن لقاء ميقاتي مع البابا فرنسيس اليوم، من شأنه ان يؤسس لنتائج ايجابية عدة، فالحبر الاعظم مطلع على حجم التحديات التي يواجهها رئيس الحكومة وعلى الجهود المضنية التي يبذلها من اجل منع الانهيار وعدم الوصول الى الارتطام المدمر، والرئيس ميقاتي يعرف ايضا مدى العاطفة التي يختزنها الكرسي الرسولي تجاه لبنان واصراره الكبير على مساعدة شعبه.
وانطلاقا من هاتين الثابتتين، فان ميقاتي سوف يحرص على تشريح الوضع اللبناني امام الحبر الاعظم على الصعد السياسية والاجتماعية والانسانية والمالية والاقتصادية، خصوصا ان البابا فرنسيس قادر على استنهاض الدول والجهات المانحة لتقديم مزيد من الدعم للبنان بما في ذلك تقديم التسهيلات الممكنة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهذا من المتوقع ان ينتج من الزيارة خلال الاسابيع المقبلة، اضافة الى التأثير السياسي للفاتيكان على الدول المعنية بلبنان ودفعها نحو بذل مزيد من الجهود للمساعدة على إمكانية معالجة بعض المسائل العالقة.
تقول مصادر سياسية مواكبة: ان الجهود التي يبذلها الرئيس ميقاتي بطرح المبادرات الداخلية والتي انطلقت بجمع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري وكسر الجليد المتراكم بينهما، والجولات الخارجية التي يقوم بها لحشد اكبر مروحة من الدعم للبنان، وتجاوزه تعطيل الحكومة بتوجيه الوزراء الى انجاز الملفات المعيشية المرتبطة بوزاراتهم، يتطلب من الداخل اللبناني ملاقاة ذلك بكثير من الايجابية التي من المفترض ان تترجم بتسويات تنهي الخلاف على المحقق العدلي طارق البيطار وتؤمن المخرج اللائق لاستقالة الوزير جورج قرداحي، وتدفع قدما نحو استئناف اجتماعات الحكومة لتكمل مهمتها الانقاذية، خصوصا انه لم يعد هناك من بدائل لذلك سوى الانهيار وصولا الى الخراب الشامل..
Related Posts