الأعمدة الثمانية لحكومة ميقاتي.. المصارف ومصير الودائع (2)

كتب المحرر الاقتصادي

مما لا شك فيه، أن البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي وضع الخطوط العريضة لخطة عمل الحكومة، وهذه الخطوط تتوضح تدريجياً على الصعيدين الإقتصادي والمالي من خلال سير المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ومن خلال المهمة التي تقوم بها شركة “لازار” المتعلقة بوضع خطة التعافي الإقتصادي في لبنان، بالإضافة إلى معلومات مصرف لبنان، والفريق الإقتصادي لرئيس الحكومة.

الواضح أن القطاع المصرفي الذي يضم 53 مصرفاً تجارياً، و16 مصرف أعمال، ولديهم فروع في بيروت وباقي المناطق اللبنانية تزيد عن 1040 فرعاً، ويضم أكثر من 20 ألف موظف حسب آخر الإحصاءات بدأ يعيش أجواء الإنحسار التدريجي، حيث شهد عام 2021، إغلاق العديد من الفروع المصرفية وصرف العديد من المدراء والموظفين، خصوصاً القدامى منهم فوق عمر الـ60 عاماً، حيث تدفع رواتبهم كاملة ودفعة واحدة عن الفترة لغاية بلوغهم سن التقاعد (64 سنة) مع كافة المنافع، بالإضافة إلى التعويضات المستحقة لغاية بلوغهم سن التقاعد، ويهدف هذا التقليص إلى إستباق عملية الدمج المصرفي التي ستكون على عدة مراحل أولها تخفيض العدد بعد الدمج الأولي خلال العامين القادمين إلى حدود 25 مصرفاً تجارياً وفي المرحلة النهائية إلى حوالي 15 مصرفاً لتقوية وضع المصارف وزيادة رساميلها، خصوصاً بعد النكبة التي تعرضت لها منذ أحداث 17 تشرين الأول 2019، علماً بأن المصارف تجاوبت مع تعميم حاكم البنك المركزي بزيادة رأسمالها خلال فترة الأشهر الماضية، مع الإشارة إلى أن الوعد بورود مساهمات خارجية جديدة في رساميل المصارف اللبنانية كان وارداً مع خطة الدمج وهو يرتبط الآن بتطورات الوضع السياسي والأمني والإقتصادي والمالي والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي والعلاقات اللبنانية كدولة رسمية بالدول العربية والأوروبية والأميركية على السواء.

أما بالنسبة لأموال المودعين فالواضح أن الحل سيكون تدريجياً على غرار ما حدث منذ بداية الأزمة المصرفية، فقد تم تسديد قيمة ودائع صغار المودعين دون الخمسة آلاف دولار أميركي بالعملة اللبنانية، تلا ذلك صدور التعميم الشهري للإيداعات بالدولار مقابل سعر صرف /3900/ل.ل.، فتم تخفيف حجم الإيداعات المصرفية بالدولار بشكل جزئي. ومن ثم صدر تعميم مصرف لبنان رقم /158/ تاريخ 8 حزيران بقيمة /50/ألف دولار أميركي تسحب خلال فترة خمس سنوات، أي عشرة آلاف سنوياً، تسحب كما يلي:

  • 400 دولار أميركي نقداً تدفع للزبون بعد الخامس من كل شهر
  • قيمة 400 دولار أميركي تقسم إلى قسمين وتدفع باللبناني كما يلي:
  • قيمة /200/دولار أميركي على سعر منصة الصيرفة /12000/ ليرة للدولار أي ما مجموعه /2،4/ ليرة شهرياً يمكن سحبها دفعة واحدة، أما من المصرف أو من ماكينة السحب بواسطة البطاقة المصرفية.
  • قيمة /200/دولار أيضاً على سعر الصيرفة أي مليونان وأربعماية ألف ليرة لبنانية على سعر منصة الصيرفة /12000/ ليرة للدولار، تسحب فقط داخل لبنان من خلال شراء الإحتياجات في السوبرماركت أو من محلات الألبسة والمطاعم التي تقبل التعامل بالبطاقة المصرفية باللبناني.

وبذلك يكون مصرف لبنان قد ساعد المصارف التجارية على تخفيض عدد المودعين المقترضين والغاضبين من ذوي الودائع دون المئة ألف دولار، وبذلك عالج أوضاع أكثر من نصف زبائن المصارف، علماً أن أصحاب الودائع المستفيدين من أحكام التعميم /158/ أحجموا عن تطبيق أحكام التعميم /151/ الذي حدد الصرف على سعر /3900/ ليرة للدولار بإنتظار رفع سعر الصرف لا سيما بعد إرتفاع السعر في السوق السوداء إلى ما يزيد عن 23 ألف ليرة للدولار حالياً.

أما الفئة الثانية من المودعين الذين تزيد إيداعاتهم عن مئة ألف دولار لغاية /500/ألف دولار مصرفي، والفئة الثالثة التي تزيد إيداعاتهم عن 500 ألف دولار، وهنا بيت القصيد، فإن الإتجاه يميل نحو وضعهم أمام عدة خيارات:

  • إما بقاء وضعهم على ما هو عليه بإنتظار الحل الشامل بعد عدة سنوات، أو ما يمكن إيجاده من تسهيلات خلال السنوات القادمة،
  • بدلاً من سياسة الـHair cut المرفوضة، تخصيص جزء من الوديعة، 30% مثلاً للمساهمة في زيادة رأسمال المصرف المودع فيه.

ج- المساهمة في رأسمال مشاريع مشتركة مع الدولة في مجال الخدمات العامة: مثل إنتاج الكهرباء، أو المياه، أو الإتصالات.

وتبقى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي هي الأمل في إعادة الإنتعاش الإقتصادي والمالي في البلد، أو من خلال عقد مؤتمرات تمويل دولية، ووضع موازنة عام 2022 تلحظ زيادة الرسوم وفقاً لتسعيرة جديدة للدولار تزيد عن السعر القديم (1500 ليرة)، كما تلحظ تعديل رواتب القطاع العام وبدلات النقل. وهذا الأمر الأخير يبقى مرتبطاً بالوضع الأمني والسياسي أو ما ستفرزه الإنتخابات النيابية القادمة من تغيرات في الكتل وأصوات النواب وهو الأمر الذي سيحدد إسم وشخصية وإنتماء الرئيس الجديد للجمهورية المفترض إنتخابه دستورياً قبل إنتهاء الولاية الحالية في نهاية تشرين الأول 2022، ولحينها يخلق الله ما لا تعلمون.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal