لعقود خلت كان اللبنانيون يتباهون بذكائهم متكئين على تاريخهم الموغل في القِدَم، وعلى أسلافهم الفينيقيين الذين إبتدعوا الحرف ونشروه في العالم إنطلاقاً من مدينة جبيل. ويتفاخرون بعنفوانهم لأن أجدادهم رسموا معالم هذا الوطن وعمل آباؤهم على إرسائه. ويرفعون رأسهم بمغتربيهم الذين سجلّوا أسماء لامعة في مجالات السياسة والطب والتجارة والإختراعات في البلدان التي حطّوا الرحال فيها. ولكنهم إذا أمعنوا النظر في أحوالهم بعد مئة سنة على إطلاق لبنانهم بحدوده الحالية لوجب عليهم طمر رؤوسهم في مزابل التاريخ عندما بدأ هذا الوطن يُصنّف بالأسوأ عالمياً كشعب لا يستطيع حكم نفسه وإنما يتطلع إلى من يحكمه ويدير شؤونه!
هل يُعقل أن شعباً ساهم برفد مختلف الحضارات بأبرز عقوله في مجالات علمية عدة لا يستطيع التوصل إلى مشاريع تؤمن له الكهرباء أو الطاقة البديلة في القرن الحادي والعشرين حيث تخطى العالم المريخ بإتجاه كواكب أبعد، ونحن ما زلنا “نبحث ونفتش وندرس ونقترح” المشاريع التي تسمح لنا بالتغذية بعدة ساعات من التيار الكهربائي، في حين أن الوزارات المعنية قد أهدرت مليارات الدولارات التي ذهبت لجيوب من عملوا بدقة متناهية على نهب الدولة؟.
وهل يُعقل أن شعباً قد ساهم في تطوير العديد من الدول والمناطق التي كانت تحلم أن تكون بمستوى ادنى بكثير من بيروت، فيما شوارع مُدننا (وتحديداً العاصمة) غارقة بأطنان من النفايات لأن من تسلموا إدارتها إمتصوا دم الشعب، وبطريقة أسرع من البعوض الذي يحوم بالملايين فوق أكوام قذاراتهم. بالرغم من أن العديد من الدول والشركات العالمية قد عرضت الكثير من الأفكار التي توفر على الدولة من المليارات التي هُدرت إلى جيوب محددة؟
وهل يُعقل أن بلداً كان لعقود عدة بيت مال العرب والأجانب، تحوّل شعبه إلى متسول لبضعة دولارات على أرصفة شوارع المؤسسات المالية الدولية ليؤمن قوته. فقط لأن من خدع الناس بقوة عملتهم قد أدار الظهر لتهريب المليارات إلى خارج البلاد بعد أن هندس وموّل و”بعزق” وفق طُرُق خارجة عن المألوف؟
كثيرون قد يحمّلون المسؤولين والسياسيين تبعات الفشل، ولكن الأصح أن الشعب بأكمله يتحمل مسؤولية عدم محاسبته لمن أهدر ونهب وشتّت المال العام!
ليت جائزة نوبل تفرد جائزة لأبرز شعب ينجح بشل بلاده ويدفعها نحو التعطيل والخراب. لأن اللبنانيين سيكونون اول شعب ينال تلك الجائزة وربما يتم حذفها بعد ذلك لأنه لن يوجد شعب متماسك في إيمانه بوطنه يشارك بقوة في التعطيل، ولا يتعاون على تحقيق النجاحات، فقط بسبب النكايات والحسد بينما تنخر فيه الطائفة والمذهبية حتى العظم!
Related Posts