لا شيء في الافق يوحي بانفراجات في الازمة اللبنانية – السعودية المرشحة لمزيد من التأزم مع انتهاء جولة وفد الجامعة العربية برئاسة الامين العام المساعد حسام زكي من دون اية آلية للحل او حتى مبادرة يمكن البناء عليها، وفي ظل التصلب والتصعيد المستمرين من حزب الله الذي ينتظر اللبنانيون كلمة امينه العام السيد حسن نصرالله مساء غد الخميس لرسم الخط البياني للازمة.
تشير المعلومات الى ان جهودا تبذل على اكثر من صعيد للتخفيف من حدة خطاب نصرالله خصوصا ان التمهيد له على لسان الشيخ نعيم قاسم لم يطمئن احدا، حيث دعا المملكة الى “تقديم اعتذار الى لبنان وشعبه” ودعا بعض المسؤولين اللبنانيين الى “التخفيف من الانبطاح”.
امام هذا الواقع، ايقن وفد الجامعة العربية ان الوضع في لبنان بالغ التعقيد، خصوصا ان اي حل للازمة الدبلوماسية يفترض ان يبدأ بخطوة اولى من لبنان كبادرة حسن نية تتمثل باستقالة المتسبب بانفجار الازمة وزير الاعلام جورج قرداحي.
وقد بات معلوما ان هذه الاستقالة صعبة المنال حتى الان برغم تأييدها من قبل رئيسيّ الجمهورية والحكومة وكذلك من رئيس مجلس النواب لكن بضمانات، الا ان حصولها طوعا بتقدير المصلحة الوطنية من قرداحي مستبعد بسبب تعنت الاخير ورفض حزب الله الرضوخ للشروط السعودية، وحصولها بقرار حكومي متعذر لما يمكن ان يسببه من تفجير للحكومة من الداخل.
وفي هذا الاطار، تتخوف مصادر مواكبة من ان تتحول الازمة اللبنانية الى جزء من الصراع السعودي – الايراني في المنطقة، وهذا ما يتخوف منه كثيرون وفي مقدمتهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي يدرك خطورة ادخال لبنان في لعبة المحاور التي من شأنها ان تحوله الى “كبش محرقة” فيدفع ثمنا باهظا من امنه واستقراره واقتصاده المنهار اصلا.
انطلاقا من هذا التخوف جاء الموقف التصعيدي لجنبلاط تجاه حزب الله في حديثه الى قناة “روسيا اليوم”.
بدا واضحا ان ما يستفز جنبلاط هو ان يتعرض لبنان لكل هذه المخاطر جراء تصريح غير مسؤول من قرداحي وتمسك حزب الله غير المبرر برفض استقالته، وتعطيل الحكومة بسبب التحقيق في قضية مرفأ بيروت، وترك الرئيس نجيب ميقاتي يواجه الازمات المتوالدة بمفرده، لذلك فقد حرص جنبلاط على التنويه بآداء رئيس الحكومة معتبرا انه ممتاز في المرحلة الراهنة.
لا شك في ان جنبلاط استحضر موقفا سياسيا يترجم عمق علاقته بالسعودية وحرصه على اللبنانيين المقيمين والعاملين فيها وفي دول الخليج وعدم تعريضهم للخطر، خصوصا وبحسب المعلومات المتداولة ان السفير وليد البخاري وبعد زيارته رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب، اراد زيارة جنبلاط قبل مغادرته، وطلب موعدا منه قبل ظهر السبت الفائت، لكن اللقاء لم يحصل بسبب انشغال جنبلاط بالمؤتمر العام للحزب التقدمي الاشتراكي ولارتباط البخاري بالسفر الساعة الثالثة بعد الظهر، ما يؤكد العلاقة الممتازة بين جنبلاط والبخاري ومع قيادة المملكة التي دافع عنها بشراسة محملا حزب الله مسؤولية ما قد يتعرض له اللبنانيون من مخاطر، ومشددا على ضرورة ان يقدم اعتذارا الى السعودية وذلك في رد مباشر على الشيخ نعيم قاسم.
وبالرغم من الرد العنيف للمفتي الجعفري الممتاز احمد قبلان على كلام جنبلاط، الا ان مصادر مطلعة اكدت ان كلام جنبلاط جاء بمثابة غضبة للمملكة، وان حزب الله لطالما تفهم مواقف جنبلاط الذي بدوره يتفهم بعض المواقف التي يتخذها الحزب، وان ثمة ربط نزاع بين الطرفين يسعيان للحفاظ عليه، وقد ترجمه جنبلاط خلال المؤتمر العام بمنع بعض الحزبيين من الاسترسال في الهجوم على الحزب وتحميله مسؤولية ما يتعرض له البلد من انهيار.
كل ذلك يؤكد ان التصعيد الجنبلاطي سيبقى محصورا بالشق السياسي، ولن يكون له اية تداعيات على الشارع انطلاقا من حرص الطرفين على عدم توتير الاجواء خصوصا ان ما حصل في الطيونة ما يزال ماثلا امام أعين الجميع.
Related Posts