البلد عالق في حقل ألغام.. وقرداحي يتسلى!… غسان ريفي

لا تبدو في الأفق اللبناني أية إنفراجات، فالحكومة مستمرة في ″إجازتها القسرية″ بقرار ممدد ومستغرب من ″الثنائي الشيعي″ الذي يربط إنعقاد جلساتها بتنحية القاضي طارق البيطار عن ملف إنفجار مرفأ بيروت، وهو أمر يخالف مبدأ فصل السلطات، ولا يمكن لرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي أن يقبل به، لرفضه المطلق التدخل في عمل القضاء.

وأيضا، لا يمكن عقد جلسة للحكومة من دون إيجاد مخرج لأزمة وزير الاعلام جورج قرداحي الذي يرفض حزب الله إستقالته أو إقالته، أو عرضها على التصويت، وبالتالي فإن إجتماع الحكومة من دون إتخاذ قرار حاسم  بهذا الشأن، سيُحرج الرئيس ميقاتي وسيساهم في مزيد من الاستفزاز للسعودية التي قد تُصعّد من إجراءاتها تجاه لبنان.

في غضون ذلك، يبدو أن قرداحي الآتي من عالم برامج التسلية، يريد أن يتسلى بهذه الأزمة التي بدأت تهدد اللبنانيين مقيمين ومنتشرين في دول الخليج بلقمة عيشهم، خصوصا أن زيارته أمس الى الرئيس بري لم تكن مفهومة، وهي جاءت مستفزة لأكثرية اللبنانيين، خصوصا بعدما أكد أن موضوع الاستقالة لم يُطرح مع رئيس المجلس، وأنه ينتظر ضمانات لكي يبني على الشيء مقتضاه، الأمر الذي أعطى إنطباعا بأن قرداحي يحاول إعطاء نفسه دورا أكبر من حجمه، وهو يدرك تماما أنه لم يعد مرغوبا فيه على طاولة مجلس الوزراء مع تأييد رئيسيّ الجمهورية والحكومة وأكثرية الوزراء لتقديم إستقالته.

في غضون ذلك، كان لافتا موقف الرئيس ميقاتي في نقابة محامي طرابلس امس الأول، بأنه “يتعاطى بإيجابية وانفتاح مع التحديات مهما كان حجمُها، ويعطي النقاش والحوار مداه الأقصى، لكن ذلك يقف عند حدود قناعاته الوطنية والشخصية التي لا يحيد عنها وأبرزها إستقلالية  القضاء  ومن خلاله حماية الدستور والمؤسسات، وصون انتماء لبنان العربي والحفاظ على علاقات الأخُوَّة مع الأشقاء العرب، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية”، هذا الكلام كان بمثابة رسالة واضحة لكل المعنيين بأن لا مجال لأي لعب بالثوابت أو بالمسلمات أو لأي مقايضة على حساب هيبة وموقع رئاسة الحكومة وصلاحياتها.

بات معلوما، أن الرئيس ميقاتي يسير في حقل ألغام، لكن خبرته السياسية وحنكته الواضحة في إدارة الملفات وتقديمه صفة رجل الدولة على صفة رجل الحكم أو السلطة هو ما يحول دون إنفجار الألغام بالبلد ككل، بما يؤدي الى الانهيار الكامل، حيث ما يزال رئيس الحكومة يعمل على إستيعاب الصدمات ويحولها الى طاقة إيجابية، تُترجم تارة بطرح القضية اللبنانية في غلاسكو، وتارة أخرى في تفعيل اللجان الوزارية للبدء بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي والتعاون مع البنك الدولي، ومتابعة ملف الكهرباء وتذليل العقبات أمام البطاقة التمويلية وتصحيح الأجور وزيادة بدلات النقل، وكل ما يتعلق بالشؤون الحياتية للمواطنين، وطورا باطلاق مشاريع صغيرة على غرار صندوق إعادة بناء مؤسسات الأعمال في المنطقة المتضررة من إنفجار مرفأ بيروت، بقيمة 65 مليون دولار.

لا شك في أن ميقاتي يدرك خطورة الوضع، لذلك يحرص على عدم دعوة الحكومة الى الانعقاد بمن حضر خشية تفجيرها من الداخل، وهو لا يلوح بالاستقالة التي ستؤدي حتما الى كارثة “الارتطام المدمر”، علما أن من يتابع مسيرة ميقاتي يُدرك بأن الرجل لا يهوى “تصريف الأعمال”، لكن، طالما أن هذا “التصريف” قد فُرض عليه نتيجة تطورات سياسية، فإنه يفضل أن يكون رئيس حكومة عامل وفاعل وشرعي، لعل الظروف تتبدل، ويعود المعنيون الى رشدهم فيقدمون المصلحة الوطنية على ما عداها!.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal