المستقبل والقوّات.. مُجرد خلاف أم إفتراقٌ نهائي؟… عبد الكافي الصمد

منذ نحو أربع سنوات، بعد احتجاز الرئيس سعد الحريري في السّعودية في تشرين الأول 2017 نحواسبوعين، وإعلانه من هناك إستقالته قسراً قبل عودته عنها لاحقاً في باريس وبيروت إثر خروجه من المملكة، والعلاقة بين تيّار المستقبل والقوّات اللبنانية تسير من سيّىء إلى أسوأ، وتتدهور العلاقات بينهما بشكل لافت، برغم حصول هبّات باردة وأخرى ساخنة بينهما بين حين وآخر.

بعد تلك المرحلة الصعبة التي مرّ بها الحريري وتيّاره الأزرق، بدأت بعض التسريبات الإعلامية تتحدث عن أنّ القوّات اللبنانية كانت إحدى الجهات التي وشت بالحريري في السّعودية وجعل الأخيرة “تغضب” عليه سياسياً، ما جعل العلاقة بين الطرفين باردة، برغم نفيهما كلّ التسريبات التي تحدثت عن تباعد وشقاق بينهما.

إلّا أنّ الخلاف الذي بقي مكتوماً بين تيّار المستقبل والقوّات اللبنانية طيلة السنوات السّابقة خرج إلى العلن دفعة واحدة منتصف شهر كانون الأول من العام 2019، بعد نحو شهرين من إندلاع شرارة حَراك 17 تشرين الأوّل من ذلك العام واستقالة حكومة الحريري بعدها بعشرة أيّام، وعندما جرت إستشارات التكليف بعد ذلك بشهرين، كانت المفاجأة أنّ القوّات اللبنانية أبلغت الحريري، عشية إجراء تلك الإستشارات في قصر بعبدا، أنّها لن تسميه في تلك الإستشارات، الأمر الذي دفع الحريري إلى الإعتذار، وفتح الباب أمام تكليف الرئيس حسّان دياب بتأليف الحكومة.

شكّلت تلك المحطة مفصلاً في العلاقة بين بيت الوسط ومعراب، وشابت القطيعة بين الطرفين، خصوصاً بعدما تكرّر الأمر مجدّداً أواخر شهر تشرين الأوّل الماضي، عندما رفضت القوّات اللبنانية تسمية الحريري في استشارات التكليف بعد الإستشارات النيابية حينها. لكن برغم أنّ الحريري حصل على أصوات كافية لتكليفه، إلا أنّه اعتذر لاحقاً عن التأليف بسبب عدم تفاهمه مع رئيس الجمهورية ميشال عون حول تفاصيل تشكيل الحكومة، ليفسح في المجال هذه المرّة أمام تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليفها.

كل ذلك كان كافيا لان تتسع الهوة بين الطرفين، ولان تظهر الخلافات الى العلن عبر تصاريح ومواقف، خصوصا بما يتعلق بالتحالفات الانتخابية المرتقبة في انتخابات العام المقبل، وما نقل عن لسان رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الذي سئل بشأن تحالفاته الإنتخابية وإعتباره أنّ “تيار المستقبل أصبح خارج اللعبة”، ما دفع نائب رئيس تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش الى الرد على جعجع قائلا: “لِيهتم جعجع بخياراته وحزبه ويرى مع مَن سيتحالف، وليس هو من يُقرّر ‏خروج المستقبل من اللعبة السياسية”.

وبرغم أنّ علوش أشار لاحقاً إلى أنّه “بعد التواصل مع الأصدقاء المشتركين بلغني أنّ الدكتور سمير جعجع لم يقل أنّ تيّار المستقبل أصبح خارج المعادلة السياسية، وبأنّ هذا الكلام مجرد دسّ إعلامي”، فإنّ هذا التوضيح لا يبدو كافياً لردم الهوّة بين الطرفين ولا في فتح الباب أمام عودة المياه إلى مجاريها بينهما، وإرساء تحالف إنتخابي يجمعهما في الإنتخابات المقبلة، التي يبدو أنّ كلّ طرف منهما يرتّب أموره وينسج تحالفاته بمعزل عن الآخر.


Related Posts


  

Post Author: SafirAlChamal