في الوقت الذي باشر فيه السياسيون في لبنان العمل على ″تزييت″ ماكيناتهم الانتخابية استعداداً للإنتخابات النيابية التي لم تستقر على موعد نهائي بعد، وما زالت تتأرجح بين نهاية شهر آذار ومنتصف شهر آيار من العام المقبل نتيجة التجاذبات الحادة القائمة بين الأحزاب والتيارات والكتل، تبدي العديد من الأوساط في السر أكثر منه في العلن تخوفها من أن تأتي نتائج الانتخابات المنتظرة مشابهة أو متقاربة لنتائج الانتخابات التي حصلت في العام 1957 وما رافقها من تدخلات خارجية وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية.
في ذلك العام من عهد رئيس الجمهورية كميل شمعون أرسلت واشنطن قوات من المارينز إلى شواطئ بيروت في 15 تموز بعملية أطلق عليها تسمية “الخفاش الأزرق”، بناء على طلب الرئاسة اللبنانية لدعم توجهات العهد في الإنضمام إلى “حلف بغداد” الذي رسم غطاءه الانكليز بوجه الرئيس المصري جمال عبد الناصر والاستقطاب الذي حققه عربياً واسلامياً، وكانت الانتخابات النيابية التي صاحبها الكثير من التجاوزات وعمليات التزوير قد أجريت وأدّت إلى خروج وجوه بارزة من الندوة البرلمانية أمثال كمال جنبلاط في الشوف وصائب سلام في بيروت وأحمد الأسعد في الجنوب وفاز حينها 51 نائباً مستقلاً من أصل 66 نائباً هو عدد اعضاء المجلس في تلك المرحلة، وذلك بهدف التمديد للرئيس شمعون، الأمر الذي أدّى إلى إندلاع الثورة التي خمدت نارها بنهاية ولاية الرئيس شمعون وانتخاب قائد الجيش حينها اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية. بينما ذهبت العديد من الأصوات الصحفية إلى القول بأن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا ساعدتا شمعون في تزوير الانتخابات ليحقق طموحه بتمديد او تجديد ولايته.
بعد ستة عقود ونصف العقد تبدلت المعادلات والاساليب بحيث أن الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية تدعم جهاراً ونهاراً قوى المعارضة ومنظمات المجتمع المدني في لبنان بحجة أن أركان السلطة ومن دار ويدور بفلكهم قد أهدروا المال العام وزرعوا الفساد في ثنايا الدولة، وبذلك يمكن إحداث التغيير المطلوب وبخاصة عبر التصويت الذي سيجري خارج لبنان وما يرافقه من حملات إعلامية مدروسة.
ويذهب المتخوفون من النتائج السلبية عليهم إلى ربط الأمور والشجون وتداخلها ليتساءلوا: ما الذي يمنع تلك القوى من إستخدام الاساليب الظاهرة والمستترة والضغوط المختلفة بحجج واهية (وأحياناً مفبركة) من أجل التاثير على النتائج. بغية نقل الأكثرية من جانب إلى آخر وبالتالي التأثير المباشر على الانتخابات الرئاسية المقبلة؟.. لذلك وسواه تظهر بعض الأصوات لتبدي عدم إقتناعها بأن الانتخابات ستجري في مواعيدها وتذهب بإتجاه رسم سيناريوهات مختلفة ومتنوعة لمستقبل وطن ما تزال ترافقه العديد من علامات الاستفهام!..
Related Posts