تفاهم مسيحي ـ إسلامي لمعالجة الملفات من المرفأ الى الطيونة!… غسان ريفي

في الوقت الذي نجح فيه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي باقناع قطاع النقل العام والاتحاد العمالي بتعليق التحركات الاحتجاجية اليوم، بعدما أخذ على عاتق الحكومة تلبية ما أمكن من مطالبه إعتبارا من شهر كانون الأول المقبل، تتجه القوات اللبنانية الى عرض عضلات على المستوى الشعبي دعما لرئيسها سمير جعجع ضد القضاء الذي طلب الاستماع إليه في ملف أحداث الطيونة، وذلك في محاولة لممارسة المزيد من الضغط السياسي لا سيما على الصرح البطريركي الذي جال سيده أمس على الرؤساء الثلاثة حاملا معه حلا مكتملا ثلاثي الأبعاد في السياسة والقضاء والأمن.

يبدو واضحا أن البطريرك الراعي لم ينطلق في جولته الرئاسية من فراغ، بل هي جاءت بعد سلسلة من الاتصالات السياسية التي أفضت الى تقريب وجهات النظر حول الملفات الساخنة لا سيما ملف المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، والملف الحكومي، وإستدعاء جعجع الى الاستماع.

وبدا أن البطريرك الراعي على تفاهم مع مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان الذي إستقبل صباحا الرئيس حسان دياب، وأعلن مكتبه الاعلامي أن “موقف المفتي دريان من جريمة تفجير مرفأ بيروت لا يتغير بتغيير الزمان والمكان، إما رفع الحصانات عن الجميع من دون استثناء او اعتماد الآليات الدستورية والقانونية المعمول بها في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”.

ما بدأه المفتي صباحا إستكمله البطريرك بعد الظهر مع الرؤساء الثلاثة حيث تشير المعطيات الى أنه طرح مع الرئيس نبيه بري العمل على فصل الملفات أي تفعيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ومحاكمة سائر المقصرين من غير الرؤساء الوزراء والنواب أمام القاضي العدلي بما يؤدي الى التوازن المطلوب في هذه القضية.

في حين تمنى الراعي على الرئيس ميقاتي الاسراع في تفعيل عمل الحكومة ودعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد، خصوصا أن أزمة تعليق مشاركة وزراء الثنائي الشيعي قبل البت في ملف القاضي بيطار يبدو أنها ستسلك طريقها الى الحل مع موافقة الرئيس بري على طرح فصل الملفات والذي لا يتعارض مع “لاءات” الرئيس ميقاتي الذي يهدف من خلالها الى الحفاظ على حكومته وعدم إستفزاز أي طرف سياسي وعدم التدخل بالقضاء ورفض إستبدال القاضي بيطار تحت أي ضغط.

وبحسب المعطيات، فإن الراعي عرض مع الرئيس ميشال عون المخارج القانونية لأزمة إستدعاء سمير جعجع الى القضاء خصوصا أنه لا يوجد في القانون “دعوة للاستماع”، كما أن عملية التبليغ التي حصلت لصقا على باب معراب لا تستوفي الشروط القانونية الكاملة، وبالتالي فإن الأمور تحتاج الى تدوير زوايا لأنه ليس في مصلحة أحد في ظل هذا الاحتقان الطائفي والسياسي أن يشعر أي مكون لبناني بالاستهداف أو أن يتحرك شارع في وجه شارع مجددا بما يؤدي الى ما لا يحمد عقباه.

يبدو واضحا أن البطريرك الراعي الذي سبق وأجرى مروحة من الاتصالات السياسية نجح في سحب العديد من فتائل التفجير، بما يحافظ على الاستقرار ويحمي السلم الأهلي، في وقت ما يزال فيه الصراع على أشده بين التيار الوطني الحر وحركة أمل ورئيسها رئيس مجلس النواب نبيه بري على خلفية التعديلات في القانون الانتخابي الذي عادت اللجان المشتركة وأقرته أمس، فيما يبدو أن موجبات الطعن أمام المجلس الدستوري تتراجع مع إنتباه مجلس النواب الى المخالفة الدستورية التي إرتكبها بتحديد تاريخ العملية الانتخابية حيث سارع الى سحبها، في حين سُجّل على رئيس الجمهورية مخالفة دستورية جديدة تمثلت برد القانون الى مجلس النواب من دون المرور بالسلطة التنفيذية المتمثلة بالحكومة، كما وافق النواب على مناقشة الرد من دون الرجوع أيضا الى رأي الحكومة ما يجعل مخالفة الدستور مزدوجة.

تقول مصادر مواكبة أن الامعان في خرق الدستور بهذا الشكل أمر لا يبشر بالخير، خصوصا أنه في حال إصرار التيار الوطني الحر على رفض القانون والتمسك بالدائرة الـ16 للمغتربين وبالميغاسنتر والبطاقة الممغنطة مدعوما من الرئيس عون قد يدفع به الى عدم التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الأمر الذي سيجعل الانتخابات في مهب الريح.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal