الراعي للنازحين: عودوا الى بلادكم

عقد في المجلس الاقتصادي والاجتماعي اللقاء الاول للحوار الاقتصادي والاجتماعي عن “العدالة الاجتماعية – الواقع الاجتماعي وأزمة هجرة اللبنانيين”، مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بمشاركة رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد، وحضور النائب شوقي الدكاش ورئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير، رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشاره الاسمر، نقيب الاطباء الدكتور شرف ابو شرف، نقيب المهندسين عارف ياسين، نقيب المقاولين مارون حلو، نقيب المعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود، منسق المؤسسات التربوية الخاصة الاب يوسف نصر، رئيس رابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي نزيه جباوي، اضافة الى نائب رئيس الاتحاد العمالي سعد الدين حميدي صقر والمدير العام الدكتور محمد سيف الدين وأعضاء المجلس الاقتصادي الاجتماعي وشخصيات ومهتمين.

عربيد

بداية، تم عرض فيلم وثائقي عن الاضرار التي لحقت بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي في اعقاب انفجار المرفأ واعادة تأهيله، ثم القى عربيد كلمة شدد فيها على “ضرورة معرفة المسؤولين عن هذا الانفجار الذي غير وجه العاصمة بيروت”، وقال: “رب سائل لماذا غبطته في المجلس الاقتصادي والاجتماعي. ببساطة، لأنه رجل الدين والوطن الذي لطالما حمل فوق أكتافه الهم الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي والتربوي. ولأنه من بين المسؤولين الكبار القلائل المهتمين والمتحمسين لعملنا ودورنا والذين دائما ما يسألون عنا. لذلك، كان هو عنوان افتتاح بوابة المجلس على اللقاءات التشاركية للتفكير والعمل الجماعي من أجل الإنقاذ”.

اضاف: “قبل سنوات ثلاث، حلت بنا غبطتكم في زيارة أولى، رعيتم بها انطلاقة المجلس في مسيرته الجديدة التي حاول من خلالها المشاركة في صنع السياسات العامة نحو خدمة الإنسان في لبنان.

يومها، كانت شرعة العمل، وقضايا العمال وأصحاب العمل، وإطلاق الحوار الاجتماعي والاقتصادي، وأحوال البيئة، هي المسائل التي ترأس اهتماماتنا المنبثقة من اهتمامات الناس. واليوم، فإن استرجاع تلك الملفات، وتعقيداتها المستمرة، لا ينسينا حجم المصائب التي وصلنا إليها، وانعكاساتها اليومية في حياتنا، في طوابير المحروقات، أو على أبواب الأفران، أو على رصيف المستشفيات. وحتى لا نستغرق في وصف المشهد الراهن، وهو ما لم نحبذه يوما في عملنا في هذه المؤسسة، فإنه من الواجب التأكيد أن ما وصلنا إليه لم يكن قدرا محتوما، وأنه كان بالإمكان تجنبه”.

وتابع: “لقد قدم مجلسنا خلال الأزمة الحالية، وقبلها، حلولا للكثير من مشكلاتنا، وآخرها الورقة التشاركية لإعادة توجيه الدعم نحو مستحقيه، والتي عملنا عليها مع خيرة الخبراء من مختلف التوجهات، هنا في المجلس، وكان يمكن لها أن تشكل نزولا ناعما في قعر الأزمة، ومنطلقا نحو الخروج منها. ونحن إذ نسترجع هذه المحطة، فإنما لنقول إن الحلول ممكنة، وليس لنتباهى بدور ومكانة. وبدلا من أن يتجاوز الاقتصاد والمجتمع المحن، فإن الخطر قد تجاوزهم ليهدد لبنان الرسالة بوجوده وحضوره ومعناه”.

واكد “ان تشكيل الحكومة أعطى جرعة إيجابية طال انتظارها”، وقال: “نحن هنا مستعدون أن نضع جهود وطاقات المجلس في تصرف الحكومة لمساعدتها على أداء المهام الصعبة التي تواجهها. فالقضية بدأت تتحول إلى كيمياء اجتماعية مضطربة قابلة للانفجار في كل لحظة. وهو ما نرى ملامحه في التفلت الأمني الفردي، الذي نخاف أن يتحول جماعيا. كما نراه في التفكك الأسري المتزايد، بكل أنواعه، وأخطرها اليوم افتراق العائلات كل في بلاد. نريد استعادة أبنائنا، وإبقائهم في بلادنا، ولها. وذلك يحدث من خلال استعادة ثقة الناس ومجتمع الإنتاج والاغتراب بالحكومة وبالدولة”.

وقال: “إن اللبنانيين يتطلعون اليوم إلى تغيير في السلطة، وينتظرونه، تغيير يشبه ما تغير في أمزجتهم، خصوصا في السنوات الأخيرة، تغيير يحاكي انتظاراتهم البسيطة أولا، ثم احلامهم الكبرى، العيش بعزة وبكرامة. ما الذي يعيد إليهم الثقة اليوم؟ والهجرة تأكل القطاعات الواحد تلو الآخر. ثروتنا البشرية تتشتت بين الدول. في القطاع الطبي، آلاف الأطباء والممرضين والفنيين أضاعتهم البلاد، ومثلهم في قطاع الهندسة، وفي قطاع التعليم بمختلف مراحله. البلاد … تخسر بناتها. اللبنانيون خائفون اليوم من المستقبل. اللايقين يحيط بهم، ومطالبهم حقوق متأخرة، تستمر الدولة بالتخلف عن سدادها: سكن وعمل، وفرص متكافئة، ورعاية طبية مطمئنة، وسعي مستمر إلى النمو وتغيير الحال عبر تعليم الأبناء”.

اضاف: “هم يريدون اليوم إعادة تشكيل السلطة السياسية وفق أهدافهم التي عبروا عنها في الشارع. فقد أيقنوا أن التركيبة الحالية لن تصنع بلدا، ولن تقيم دولة، ولن تحمي كيانا. إنه صراع بين أجيال، جيل تقليدي يشد إلى الوراء، وجيل رقمي يتطلع إلى المستقبل. والامتحان الفاصل هو الانتخابات المقبلة. فلتكن المشاركة كثيفة، وليبادر جميع الراغبين بالخدمة العامة إلى الترشح لنعطي الناس المزيد من الخيارات والفرص”.

وأكد “ان إجراء انتخابات نزيهة وشفافة ركن أساس في عملية الإصلاح، لكنها تحتاج إلى مرشحي تغيير حقيقيين. وهؤلاء موجودون في مختلف المواقع. وعليهم اليوم أن يعيدوا إلى العمل السياسي معناه الحقيقي كالتزام بالبناء، بناء الدولة والمؤسسات والإدارة والمجتمع والاقتصاد”، وقال: “من حق اللبنانيين أيها السادة أن يتركوا لبناء بلدهم، وأن يعطوا الفرص لذلك، وذلك يتم من خلال تحقيق اللامركزية في الشؤون الإدارية والتنموية والخدمية. إنها مدخل للتنافس الإيجابي على التنمية، بدلا من التنافس السلبي للتعطيل. اللامركزية تبعدنا عن الصراع المتوحش على السلطة المركزية، وتذهب بنا إلى عصر تنمية الأطراف والمناطق، وتصالح الناس مع منطق الدولة، بمجرد أن تصل التنمية منازلهم، بعد أن كانوا يطاردون سرابها بين الخطابات المتناحرة. ونحن في المجلس، سوف نفتح النقاش حول هذا الموضوع قريبا”.

وختم مجددا ترحيبه بالبطريرك الراعي والنقباء والحضور، وقال: “لا شك أن الظروف دقيقة ومصيرية، لكن هذا البلد لنا، ومعا سوف نعيد إليه الأمل بالنهوض. لن نستسلم لليأس واليائسين، بل سنعيده إلى بريقه بالعمل مع العاملين، من أجل لبنان”.

الراعي

ثم تحدث البطريرك الراعي، فقال: “يسعدني ان ألبي دعوة الصديق شارل عربيد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، لالقاء كلمة بحضور السادة اعضاء المجلس والنقباء منب مختلف القطاعات، ورئيس الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام، في اطار اللقاء الاول للحوار الاقتصادي والاجتماعي في موضوع: “العدالة الاجتماعية – الواقع الاجتماعي وأزمة هجرة اللبنانيين”. فيطيب لي أن أحييكم جميعا، متمنيا لهذا اللقاء الثمار المرجوة”.

اضاف: يشمل الموضوع أربع نقاط.

أولا، العدالة الاجتماعية

1. عندما نقول “عدالة” لا نعني ان كل البشر متساوون في كل شيء، أو أنه من الواجب أن يكونوا على هذا النحو. فالله خلق الناس متنوعين، ويستحيل في المجتمع المدني ان يرتفع الناس الى مستوى واحد. بل نعني أن جميع البشر، على تمايزهم، هم متساوون في بنوتهم لله، وفي كرامتهم الانسانية، وفي تمتعهم بالحقوق البشرية الاساسية. بهذا المفهوم تكون العدالة “عدالة طبيعية” من صنع الله، ولا يحق لأحد أن ينقضها. ونقول “عدالة اجتماعية” لنعني تأمين العدالة الطبيعية لجميع الناس، وتخفيف الفوارق بين الافراد والمجتمعات والشعوب، وتوفير تكافؤ الفرص للجميع على كل المستويات. كما نعني ترقي الانسان، كل انسان، بنموه الاقتصادي والاجتماعي والانمائي والثقافي والروحي وبالتالي ترقي المجتمع وانمائه.

2. يقتضي تحقيق العدالة الاجتماعية تأمين المستوى اللائق من العيش الكريم لكل افراد المجتمع، وتمكين كل شخص من تنمية كفاءاته وقدراته، لضمان مستقبله، ولامكانية المشاركة في بناء مجتمعه.

3. يقوم المجتمع العادل على العلاقة الكيانية والعضوية بين الفرد والمجتمع، والمعبر عنها بالحقوق والواجبات. ومعلوم ان لا حقوق من دون واجبات، ولا واجبات من دون حقوق. هذه هي المعادلة التي تحكم العلاقات بين المجتمع (الدولة) والفرد (المواطن)، وبين افراد المجتمع في علاقاتهم بعضهم ببعض.

4. ثمة حقوق اجتماعية اساسية واجبة لكل فرد وجماعة في المجتمع، نذكر منها: الحق في بناء عائلة مكتفية؛ الحق في السكن لتوفير الاطار الطبيعي لنمو الانسان والعائلة في امان واستقرار؛ والحق في العمل كنشاط خلاق للانسان، ومجال لتأمين سبل عيشه واستمراريته؛ الحق في الصحة والطبابة، لحمايته من المرض والألم، مع حقه على المجتمع أن يحميه من التعرض للامراض بسبب التلوث البيئي والطبيعي؛ الحق في التعليم والتربية والثقافة وهي ثروة اللبناني الاساسية.

ثانيا، الواقع الاجتماعي

5. لا احد يجهل ان الواقع الاجتماعي هو في أسوأ حالات الانهيار. والاسباب الاساسية لا تخفى على احد، هي الحرب التي زعزعت أسس البنيان الاقتصادي والاجتماعي عندنا بشكل شبه تام؛ والفساد السياسي ونهب اموال الدولة وهدرها؛ والخيارات السياسية الخاطئة؛ ووضع لبنان في حالة حرب بسبب ادخاله رغما عنه في احلاف ونزاعات وحروب اقليمية، وهذا الواقع أوجده في عزلة عن الاسرتين العربية والدولية؛ واستغلال ثورة 17 تشرين من متطرفين ومدسوسين اعتدوا على المصارف والمؤسسات العامة والخاصة والمتاجر، فأعدموا حركتها المالية والتجارية والاقتصادية والسياحية؛ وهبوط قيمة الليرة بالنسبة إلى الدولار؛ فجائحة كورونا التي شلت بلادنا والعالم، مع ما أوقعت من ضحايا بشرية، ومن خسائر مادية لا تحصى. وكان آخرها تفجير – ولا نقول انفجار- مرفأ بيروت في 4 آب 2020.

يضاف اليها أسباب على المستوى الاخلاقي لا تقل خطورة من مثل: تناسي اولية الانسان المطلقة الذي سببته الذهنية المادية والعقلية الاستهلاكية، والجشع، والتلاعب بالاسعار، والسعي إلى امتلاك السلع وتكديسها، وكأنها هدف بحد ذاتها، لا مجرد وسيلة لتحقيق الذات وتأمين حياة كريمة ومساعدة من هم في حاجة؛ والإدمان على المخدرات، والبغاء، وتدني الأخلاق، والإبتعاد عن الممارسة الدينية، والتطرف الطائفي.

6. وفوق كل ذلك غياب أي استراتيجية خلاصية من الحكومات المتتالية والقوى السياسية، وانعدام روح المسؤولية لدى أهل السلطة. لا بل كلهم امعنوا، بطريقة او بأخرى، ولغاية ظاهرة أو مبطنة، في افتعال أزمة سياسية حادة تسببت بأزمة اقتصادية واجتماعية خانقة.

نحن من منظار الاستراتيجية الخلاصية، نتطلع الى هذا “المجلس الاقتصادي والاجتماعي” بما يضم من كفاءات وقدرات، آملين أن يضع هذه الإستراتيجية بالتعاون مع النقابات من مختلف القطاعات. والكنيسة داعمة كليا لهذا العمل بتعليمها الاجتماعي ومؤسساتها، لأن طريقها واحد هو الإنسان وكرامته وحقوقه وخلاصه ونموه الشامل، “فمجد الله الإنسان الحي” (القديس ايريناوس).

ثالثا، الهجرة

7. النتيجة الحتمية لهذا الواقع الإجتماعي المنهار الهجرة التي تخطف قوانا الحية من خريجي جامعات، وأطباء، وممرضين، ومهندسين، ورجال أعمال، وأساتذة، ومصرفيين، وعائلات وسواهم. أمام هذا النزيف البشري الثمين نتساءل: هل فقد لبنان كليا ما كان عليه حتى الامس القريب: “جامعة العرب” و”مستشفى العرب” و”مصرف العرب”، و”مكان سياحة العرب”؟

سؤال مؤلم يضعنا جميعا أمام مسؤولياتنا المشتركة. الكنيسة من جهتها تحافظ على مدارسها وجامعاتها ومستشفياتها وسائر مؤسساتها الاجتماعية وتطورها، في كل المناطق اللبنانية، على الرغم من الضائقة الاقتصادية والاجتماعية والمالية الخانقة. وتقوم بمشاريع إنمائية واستثمارية متنوعة اكان من جهتها ام بالتعاون مع كل شخص يرغب في الاستفادة من امكانيات الكنيسة. وفي كل ذلك توفر فرص عمل، وتساهم في الحركة الإقتصادية. وهذا ليس جديدا بل كان الإقتصاد على مدى القرون من صلب اهتماماتها. فهي معنية بالعمل الدائم من اجل الخير العام الذي منه خير الجميع وخير كل فرد، لاننا جميعنا مسؤولون عن جميعنا “(البابا يوحنا بولس الثاني: رسالة عامة” الاهتمام بالشأن الاجتماعي، 38).

وما يقلقنا، بالاضافة الى هجرة شعبنا، تزايد عدد اللاجئين الفلسطنيين والنازحين السوريين. هؤلاء بلغ عددهم معا نصف سكان لبنان، ما عدا الولادات التي لا تسجل. هذا الواقع، مع احترامنا الكامل للواقع الانساني، ولهذا السبب فان لبنان لم يقفل لا ابوابه ولا حدوده، وهذا اساسي عدا عن كونه عبئا اقتصاديا ثقيلا، فانه يشكل خطرا سياسيا وديموغرافيا وأمنيا وثقافيا. فمن واجب جميع القوى السياسية توحيد صوتها في المطالبة بحل قضية اللاجئين الفلسطنيين، وعودة النازحين السوريين الى بلادهم. لان سوريا هي وطنهم ولهم فيها تاريخ وثقافة. واني اقول لهم ان البلدان لا تقوم فقط بالارض إنما بالثقافة. عودوا الى بلادكم وتابعوا تاريخكم وثقافتكم ولا تهملوها. وفي حال عدم عودتكم فانكم بذلك بحرب ثانية على سوريا وهذه المرة بايديكم. فالحرب الاولى فرضت عليكم وهدمت الحجر وهجرتكم، اما الثانية فستهدم التاريخ والثقافة واقول ذلك محبة بكم.

رابعا، الإقتصاد أساس النشاط الإجتماعي والحد من الهجرة

8. لا يمكن أن تتوفر الحاجات الإجتماعية وحقوق المواطنين الأساسية وممارسة العدالة الإجتماعية والحد من الهجرة من دون إقتصاد قوي.

الإقتصاد أو إيكونوميا (economia) لفظة يونانية ظهرت حوالي عام 400 ق. م. وتعني فن إدارة البيت والجماعة، لتصبح فن تدبير شؤون المال سواء بتكثيره وتأمين مصادره، أم بتوزيعه. إقتصاد الدولة هو حالتها المالية وكل ما يتعلق بهذه الحالة مثل الإنتاج والتوزيع والإنفاق وأسواق العمل وغيرها. من هذا المنطلق يوجد دول ذات اقتصاد قوي، أي وصلت إلى اكتفاء ذاتي وحققت النمو والوفرة في المال، وغيرها ذات اقتصاد ضعيف.

9. الإقتصاد فن قائم على التحليل الإقتصادي الجزئي المعروف ب (microéconomie) الذي يدرس السلوك الإقتصادي للعناصر الإقتصادية، بما فيها الأفراد والشركات، وطريقة تفاعلها من خلال الأسواق وندرة الموارد، والأنظمة الحكومية، وهذا ما يسمى عادة دراسة العرض والطلب؛ وقائم على التحليل الإقتصادي الكلي (macroéconomie) الذي يدرس الإقتصاد ككل ليوضح تأثير العوامل الإقتصادية على اقتصاد البلدان، كتأثير الدخل القومي ومعدلات التشغيل (التوظيف)، وتضخم الأسعار، ومعدل الإستهلاك الكلي، ومعدل الإنفاق الإستثماري ومكوناته. كما يدرس تأثيرات كل من السياسة النقدية والسياسية والمالية المتبعة في البلاد.

مرة أخرى نتطلع إلى هذا المجلس الإقتصادي والإجتماعي لوضع الخطة العملية من أجل تحقيق النهوض الإقتصادي بموجب هذا الفن. ونطالب الحكومة الاخذ بعين الاعتبار ما يقدمه هذا المجلس لان لا احد يمكنه ان يحل محله وان يتم عمله، لانه أسس لهذه الغاية. نحن نشد على ايديكم ونشجعكم ونشدد على ضرورة استعانة الحكومة بهذا المجلس والنظر بعيونهم لان المستشارين لا يمكنهم ان يقوموا بعمله، وهذا هو دوره.

10. لا بد من الإشارة إلى أن النشاط الإقتصادي هو من صلب مشروع الله الذي منح الإنسان الأرض وخيراتها ليحرسها ويحرثها ويأكل من ثمارها” (تك 2: 15-16). فدخل هذا المشروع الإلهي في صلب تعليم الديانة المسيحية، التي وضعت له تشريعات ومبادئ وقواعد أخلاقية ورسائل الباباوات عديدة في الشأن الاقتصادي منذ عهد البابا لاوون الثاث عشر سنة 1883 الى اليوم. وهكذا كان هم الكنيسة تنظيم حياة الإنسان الإقتصادية والمادية وفقا لإرادة الله. انطلاقا من هذا الواجب دانت الممارسات المالية والإقتصادية والإجتماعية التي أدت إلى تفشي الفساد وسوء الأخلاق، وتكديس الثروات الهائلة في أيدي عدد محدود من المواطنين، وغياب الشعور بالتضامن والتكافل.

ومن المؤسف أن يبلغ الأمر إلى سيطرة الفساد الإقتصادي والمضاربات والصفقات غير المشروعة، وقد أصبحت شطارة إقتصادية ومالية، لا تشكو عيبا في نظر الكثيرين، إذ إن الخط الفاصل بين الحلال والحرام في الحياة الإقتصادية قد زال تدريجيا من الحياة العامة والخاصة.

11. من أهم الإصلاحات في الإقتصاد اللبناني، توجيه لبنان نحو مجتمع إنتاجي، نظرا لميزاته الطبيعية الهامة: جمال الطبيعة، الموقع الجغرافي على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، التربة الخصبة، وفرة المياه العذبة، القدرات البشرية العلمية والثقافية الخلاقة.

معروف أن العديد من البلدان الصغيرة تخطت محدودية رقعتها وفراغها من المواد الأولية، وأقامت اقتصادا مكثفا، فباتت المراكز التكنولوجية الصناعية المرموقة في الإقتصاد الدولي (جزيرة سنغافوره، الدانمارك، تايوان، جزيرة صغيرة كانت في عداد البلدان الأكثر فقرا، ومجتمعها كان ريفيا، فأصبحت من بين العمالقة في صناعة الإلكترونيات في العالم)”.

وختم الراعي: “لبنان قادر بهمكتم وبهمة امثالكم، بالإدارة الطيبة والوعي والتحرر من النفوذ المعرقل والنافذين المعرقلين، على أن يغلب الإتجاهات السلبية التي يسلكها اقتصاديا واجتماعيا، ليؤسس نهضة انتاجية شاملة. فيعود لبنان الى طبيعته الاصلية والاصيلة”.

مداخلات

ثم كانت مداخلات لعدد من الحاضرين ابرزهم شقير ودكاش وابو شرف والاسمر الذين تحدثوا عما يعانيه لبنان في مختلف قطاعاته لا سيما العلمية والطبية والاقتصادية.

 

 


Related Posts


 

Post Author: SafirAlChamal