لم تكتمل فرحة اللبنانيين. فبعدما زفّ إليهم أكثر من مسؤول دولي وعربي ولبناني خبر إقتراب وصول الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، عبر سوريا، إلى بلدهم من أجل معالجة أزمة الكهرباء، إصطدموا بواقع صعب حوّل هذا الحلم إلى سراب.
فبعدما تلقى الوفد الوزاري اللبناني وعوداً ودعماً من سوريا، خلال زيارته لها قبل أيّام، بتسهيل إمرار الكهرباء والغاز من الأردن ومصر إلى لبنان عبر الأراضي السّورية في خطوة لقيت ترحيباً محلياً واسعاً، وبعدما ناقش وزارء الطاقة والنفط في الدول المعنية: لبنان وسوريا والأردن ومصر، تفاصيل تنفيذ هذا المشروع الذي أطلق عليه إسم “خط الغاز العربي”، خلال اجتماع لهم في العاصمة الأردنية خلال الأسبوع الماضي، تبيّن أنّ الأحلام شيء والواقع أمر آخر.
فقد كشف مسؤولون سوريون أنّ شبكة التيّار الكهربائي في جنوب بلادهم لجهة الأردن قد تعرضت للتخريب خلال الأحداث التي شهدتها سوريا منذ أكثر من 10 أعوام، وأنّ قرابة 85 كيلومتراً من هذه الشبكة تحتاج إلى صيانة وإصلاح وتجديد، سواء للأعمدة أو الأسلاك أو محطّات التحويل، وأنّ تكلفة عملية تأهيلها تزيد على 4 ملايين دولار أميركي، وهو مبلغ وإن كان تأمينه ممكناً لمعالجة المشكلة، إلا أنّ العقبة الرئيسية تتمثل في أن الوقت الذي تستغرقه عملية تأهيل الشبكة وتجديدها لا يقل عن 6 أشهر، ما يعني أن الكهرباء الموعود وصولها من الأردن إلى لبنان لن تؤمّن قبل ربيع العام المقبل على أقلّ تقدير.
وكما هو وضع العوائق التقنية التي ستؤخّر وصول الكهرباء الأردنية إلى لبنان، بعد تأمين طريقها سياسياً، إنسحب الأمر ذاته على الغاز المصري. إذ برزت عقبات مالية وتقنية قد تؤخّر إنجاز المشروع، وتهدّد نجاحه، لأنّ ذلك لا ينحصر بلبنان وحده. فعلى الأردن وسوريا التأكّد من سلامة خط الأنابيب وعلى لبنان تأمين التمويل اللازم، وهو أمر يجد لبنان صعوبة في تأمينه في ظلّ الظروف المالية التي يعانيها.
هذه الصعوبات أشار إليها وزير الطاقة السّابق ريمون غجر الذي لفت إلى أنّ إنهاء الترتيبات اللازمة يحتاج إلى ما لا يقلّ عن شهرين، عدا عن إجراء الفحوصات التقنية اللازمة، وذلك خلال فترة ثلاثة أسابيع، تقدم بعدها كلّ دولة تقريرها، وتحدد ما إذا كانت بحاجة إلى مدة أطول للتجهيز، ما يعني أن الغاز المصري لن يصل إلى لبنان قبل مطلع العام المقبل، وربما حتى الربيع.
تبدّد الآمال باحتمال وجود حلّ سريع لأزمة الكهرباء والغاز رافقها الحديث عن شحّ المحروقات في السّوق المحلية، من بنزين ومازوت، وصولاً إلى انقطاعه بشكل كلّي في غضون أيّام، وسط توقعات برفع قريب للدعم نهائياً عنها، وارتفاع مضاعف في أسعارها، وأن ينسحب هذا الإرتفاع على كلّ مرافق ونواحي الحياة.
يأتي كلّ ذلك واللبنانيون يقفون على أعتاب العام الدراسي وفصل الشتاء، ما سيزيد الضغوط عليهم بشكل مضاعف، ووسط تفاقم الأزمات المعيشية والإجتماعية الخانقة، ما يعني أنّ الأشهر الستة المقبلة، على أقل تقدير، ستكون أشهراً في غاية الصعوبة عليهم، بينما آفاق الفرج والحلّ مسدودة عليهم من كلّ جانب.
Related Posts