صدر عن مجلس البيئة في القبيات – عكار بيان تفصيلي حول مجريات الحرائق التي حصلت الاسبوع الماضي وتسببت بكوارث بيئية كبيرة، وجاء في البيان: “اندلعت في 28 تموز 2021 مجموعة حرائق في عكار شكلت أكبر كارثة بيئية تتعرض لها غابات لبنان. عند الثالثة والنصف من بعد الظهر ابتدأ حريق غابة المرغان في القبيات الذي جاءت بدايته هائلة مع سحب نار بعلو 40 الى 50 مترا ودخان كثيف وضخم لا علاقة له بحريق شجر ونبات صافٍ بل يوحي بأن هناك أيضاً مواد أخرى مشتعلة، بانتظار أن يثبت التحقيق المنتظر صحة أو عدم صحة ما ندعي.
وبعد انطلاق هذا الحريق بحوالي 10 دقائق انطلق حريق وادي عودين في بلدة عندقت ، حضر عناصر الدفاع المدني مع آلياتهم وبسرعة حضر المتطوعون لكن التدخل كان مستحيلاً في البداية نظراً لكثافة النيران وارتفاع الحرارة. امتد الحريق بسرعة جنونية إلى تلة اللوقة حيث برج البيئة الذي تضرر كثيراً والذي لفته النار وقضت على كل الأشجار التي “تحمّصت” من موقع بداية الحريق حتى البرج.
من هناك اتجهت النتر وتمددت نزولت باتجاه وادي عودين حيث انتهى في منطقة المنزلة فوق مار الياس.
اما حريق عودين فكان ابتدأ جنوب مار الياس واتجه جنوباً قاضياً على النصف الجنوبي لوادي عودين حتى أقدام كرم شباط ومن هناك امتد صعوداً الى الرويمة، ومن فوق النبع الشرقي امتد الحريق شرقاً الى أكروم حيث قضى في محلة الضلّيل على كل المشاريع الزراعية المستحدثة مؤخراً.
وفي أكروم امتد الحريق الى كفرتون والى أكروم الضيعة وفي الوديان المتاخمة للحدود مع سوريا.
اما في اليوم التالي فقد شب حريق آخر في دورة عكار حيث الأرض ليست ممسوحة وعلى سفح اعتدنا أن تحصل فيه حرائق يتلوها استصلاح وتجليل للأرض التي تتحول الى بساتين زراعية. امتد هذا الحريق شمالاً الى السن وجنوباً وشرقاً الى عكار العتيقة.
ولفت بيان مجلس البيئة الى انه وبانتظار نهاية التحقيق الذي نأمل أن يكون جدياً، حيث اننا نعتقد بأن إن كل هذه الحرائق مفتعلة : البداية المرعبة لحريق القبيات تدل على وجود مواد مشتعلة، تزامن بداية حريق عودين مع حريق القبيات ليس صدفة واندلاع حريق دورة عكار في ذات السفح الذي يجلله بعض الناس بعد كل حريق.
وها هو اليوم حريق آخر يضرب أجمل وديان لبنان وأهمهم، وادي جهنم، المجرى الأعلى لنهر البارد!
والخسائر لا تحصى. بيئياً هناك غابات بأكملها خسرت أشجارها وبالأخص أشجار الصنوبر البري والسنديان، علماً أن الصنوبر البري هو من أهم الأصناف الشجرية التي تنظف الهواء من ملوثاته. كما أن هناك خسارة كبيرة تتمثل في الغطاء النباتي المكون من الزهور والحشائش. كما أن الثروة الحيوانية المتنوعة من سناجب إلى سلاحف وثعالب وطيور وغيرها، دفعت ثمناً كبيراً، إن تصحر رقعة كبيرة من رئة لبنان سيؤدي حتماً إلى جفاف وانجراف تربة وسيول كبيرة عندما بهطل المطر، وبالتالي إلى تغير مناخي.
اضلف: إن خسارة مصدر اوكسيجين كبير سيكون له تداعيات سلبية على الصحة العامة. كما أن الضربة الكبرى التي طالت التوازن الايكولوجي الدقيق ستؤدي حتماً إلى انتشار واسع لبعض الحشرات والآفات الزراعية والصحية. كما ان خسارة هذه الغابات سينجم عنها تراجعاً قوياً للسياحة البيئية التي شكلت دعامة اقتصادية كبيرة وكانت مرشحة لأن تصبح مصدرا اقتصاديا مهما”.
واشار البيان ايضا الى أن “هناك خسائر زراعية كبيرة طالت بساتين الزيتون والكرمة واللوز والجوز والتفاح والإجاص والخضار على انواعها. ولن ننسى أن هناك من دفع من حياته ثمناً لهذه الحرائق هو الشاب امين ملحم ابن بلدة كفرتون.
وهنالك خسائر في المنازل والممتلكات في كل البلدات التي شبت الحرائق في أحراجها.
وتبعا لهذه العطيات طالب مجلس البيئة ” السلطات بالعمل جدياً وبسرعة على تبيان الحقيقة وكشف الفاعلين. بكوننا اعتدنا أن تطمس الحقائق في موضوع الحرائق وأن لا يجري أي تحقيق يذكر . نأمل ونطالب هذه المرّة بالتحقيق الجدي في أكبر حريق غابات في لبنان وربما في الشرق الأوسط. وإن لم تظهر السلطات الرسمية اهتماماً جدياً سنكون مضطرين للجوء إلى وسائل أخرى”.
أضاف: “أما وقد وقعت الحرائق وحصل ما حصل، فإننا نطالبةايضا السلطات وبالأخص وزارة الزراعة والسلطات المحلية بتطبيق قانون الغابات في ما يتعلق بالحرائق، و العمل على حماية الغابة المحروقة من الانسان الذي يدوس برجليه وبآلياته صغار الشجر الذي سينبت، ومن الماعز الذي يأكل هذا النبات الصغير، وترك الاشجار المحترقة مكانها ففي ظلها وحمايتها من الهواء والشمس ينمو صغار الصنوبر والسنديان. وبعد سنوات تهوى أرضاً هذه الأشجار المحروقة وتتفتت وتغذي الأرض. هذا ما يحصل مع كل حريق يتجدد من دون تدخل مباشر من الانسان. فالطبيعة تعرف ماذا تزرع وكيف بينما نحن نخطئ كثيراً في اختيار ماذا نزرع. ما تزرعه الطبيعة يعيش كله وما نزرعه نحن يعيش منه 50 بالمئة في أحسن الأحوال. ما تزرعه الطبيعة لا يكلفنا أي ليرة وما نزرعه نحن يكلفنا مبالغ طائلة وبستلزم مبالغ طائلة أخرى للمتابعة والري.
وبعد سنة أو سنتين أو أكثر.يصار إلى درس الغابات التي احترقت ويتبين إن كان هنالك من ضرورة لتدخل محدود ما للمساعدة على تنمية الغطاء النباتي.
أما الشجر المحروق فإننا نأمل من كل المعنيين العمل على تركه في أرضه. هو لا يصلح أصلاً للتدفئة وله دور كبير في إعادة الحياة إلى الغابة. وإذا كنا نريد مساعدة الناس لايجاد بديل للمازوت، فلنسمح لهم وبشكل مؤقت ومدروس بتشحيل الأشجار في الغابات التي لم تحترق. هذا العمل إن كان منظماً، يؤمن للمواطن خشباً للتدفئة، ويساهم في درء خطر الحريق”.
وأمل مجلس البيئة في بيانه ” أن يصل التحقيق إلى خواتيمه لا أن تلفلف القضية، كي يتوقف هذا المسلسل الاجرامي الرهيب، وأن يصار إلى وضع خطط تنسيقية ما بين كل الفاعلين على الأرض لتدارك الحرائق وتطبيق القوانين في ما يخص منع حرق اليباس وتنفيذ مشروع انشاء غرفة عمليات الطوارئ التي تهتم بالحرائق وتضم كل المعنيين من دفاع مدني وجيش وأمنيين وبلديات ومتطوعين”.
وختم بتوجيه “الشكر لكل من ساهم في الحد من الخسائر، من دفاع مدني ومتطوعين وبلديات وجيش لبناني ودفاع مدني فلسطيني وفوج تكفاء بلدية طرابلس، ودرب عكار والصليب الاحمر والكشافة والبيئيين ومآمير الأحراج ومجموعة تدخل سريع للحريق وحراس الغابة الساهرين عليها، وأيضاً ذلك الجيش اللوجستي المنسي والذي عمل وبشكل منظم لتأمين الأكل والماء والمستلزمات لمن هم في خط الدفاع الأول.
على أمل أن تعود غاباتنا إلى الاخضرار وأن نصبح أكثر جهوزية في المستقبل القريب”.
مواضيع ذات صلة: