بالرغم من علامات الاستفهام المتعددة والمتضاربة لدى اللبنانيين، بمختلف طوائفهم ومذاهبهم، حول آداء المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وبعض من استشهدوا أو استهدفوا في تلك المرحلة. فإن معظم اللبنانيين، وقفوا مشدوهين أمام دعوة نجله الرئيس المكلّف سعد الحريري للدولة اللبنانية بالاستمرار في تأمين تمويل تلك المحكمة، وهو الأدرى والأكثر إطلاعاً على ما آلت إليه اوضاع البلاد واهلها الذين يقفون متسولين أمام الصيدليات ومحطات المحروقات والمصارف ومتاجر المواد الغذائية وسواها للحصول على جزء يسير مما يستحق لهم.
وفي خضم الكمّ الهائل من التعليقات على دعوة الحريري الأبن (ممثل المسيرة الزرقاء) توقف بعض المراقبين عند تعليقين ممن يحسبون انفسهم من “عظام الرقبة” المستقبلية:
الأول شمالي وقال: “جئتم من عالم الأعمال لتدخلوا في المستنقع السياسي اللبناني المليء بالأفاعي والعقارب السياسية، والتي كان الرئيس الشهيد قد تمرّس على كيفية التعامل معهم كسياسة الأمر الواقع”. والسؤال هو: “من أجبر الحريري الأبن على الخوض في هذه التجربة المريرة، طالما أنه يعرف المستنقع السياسي في لبنان وهو الذي ورث المليارات، وكان بإمكانه العيش في بلاد الله الواسعة وتبديد ثروته كيفما يشاء، وكما فعل ويفعل، بدون أن يحق لأحد أن يسأله ولو لسؤال واحد؟
والثاني من بلاد جبيل وكتب: “أدعو الذين عاشوا “زمن” الحريري وجمعوا الثروات الى دفع مستحقات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان”. والجواب المُكمل لهذا الطرح الذي تداوله من تابع بدقة ما فعله آل الحريري هو: “فعلاً أين هم أولئك الذين إمتصوا “خيرات” قصور قريطم وفقرا وباريس والعديد من الدول الأوروبية والأميركية، ولاحقاً بيت الوسط، وحصلّوا الثروات الضخمة التي فاقت أحياناً ثروات ورثة الحريري الأب، فرادى وجماعات، لا يساهمون بتمويل المحكمة؟ ولا يتكرموا بأجزاء طفيفة من ملياراتهم وملايينهم، لاستكمال هذه “المسيرة المظفرة” لمحكمة من ورق بآدائها وما أصدرته من أحكام (على الأقل بعد خمسة عشر عاماً على حصول الجريمة)، في حين أن البلاد التي كانت تصنّف سويسرا الشرق بمسيرتها، باتت على قارعة طرق دول العالم التي تنمو باضطراد، فيما هي تتجه إلى جهنم حقيقية ولا من يسأل عنها بعدما أمتصوا دمها حتى آخر نقطة!
البعض ممن يمتازون بحمل المباخر المليئة بالدخان العفن إعتبر “أن تصفية تلك المحكمة عار”، في حين أن كثيرين دعوهم لقراءة المكتوب من عنوانه، وتذكيرهم بما إذا كانت مثلاً محكمة قتلة الرئيس الأميركي جون كينيدي قد توصلت إلى معرفة من يقف وراء إغتياله الذي حصل قبل نحو ستة عقود، وعسى بعد الإتهامات المتعددة أن لا تكون النتائج متشابهة لأنه يبدو أن المستفيدين هم من نفس الفصيل!.
مواضيع ذات صلة: