لبنان بين مطرقة باسيل وسندان الحريري!… بقلم: لبنى دالاتي

بات واضحا أن توالي الأزمات المتعددة التي تعصف بلبنان وتعاظم المسؤوليات قد ألقوا عبئاً ثقيلاً على سلكه الديبلوماسي، وعلى طريقة تقديم الدعم لولادة الحكومة المتعثرة منذ استقالة حكومة الرئيس ″حسان دياب″ في 10 آب من العام الماضي. وأدت هذه العقبات الى فشل جميع أركان السلطة من تنفيذ بنود المبادرة الفرنسية التي رسمت خريطة طريق مبسّطة للخروج من الازمة.

كانت طريقة المعالجة تستدعي التزاماً صريحاً بتعهدات الدبلوماسيين الأجانب الذين توالوا على زيارة لبنان لحل الأزمة، فكان بعضهم مقتنعا انّ القادة اللبنانيين المتحكمين بمقادير الحكم والسلطة استوعبوا حجم المأساة، وأنه لا بد من ان يلتزموا بالتعهدات التي قطعت على طاولة قصر الصنوبر في 2 ايلول الماضي التي ترأسها الرئيس الفرنسي “ايمانويل ماكرون” شخصياً من أجل الخروج المنظّم والمبرمج من الهاوية الى مرحلة التعافي والانقاذ على مختلف المستويات.

لكن السجالات المتجددة والمتتالية بين حزبي التيار الوطني الحر من جهة، وتيار المستقبل من جهة أخرى، عكست، بصورة واضحة،  صعوبة التوصل إلى حل لأزمة تشكيل الحكومة اللبنانية في وقت قريب، واتهم التيار الأزرق التيار العوني، مممثلا برئيسه جبران باسيل، أنه يضع مسمارا جديدا في نعش العهد وسيده”، وحمله مسؤولية تعطيل البلاد، وفي المقابل أصر التيار الوطني على الايحاء بأن الحريري ينتظر الضوء الأخضر من المملكة العربية السعودية.” 

هذا الأمر حول الواقع السياسي اللبناني بين الطرفين الى ساحة محلية تصف واقع الأزمة اللبنانية الفاقدة للثقة بين الأفرقاء، إذ كلٌّ يغني على ليلاه، كما وجّه الأنظار الى العقدة الداخلية لتشكيل الحكومة بأنها صعبة الحلّ، وهي أبعد من مبدأ مداورة الحقائب الوزارية، وأبعد من مبدأ اعتماد معيار واحد..

لم يعد بإمكان باسيل والحريري رفع مزيد من السقوف، لأن الاستحقاقات مرتبطة بوقت محدد لا يملك أيّ منهما فرصة تأخيره أكثر من اللازم، والا تعرضت صورتهما معاً للتشويه لدى الرأي العام المحلّي والخارجي.

وفي هذا السياق، يرى العديد من المتابعين أن العلاقة بين الحريري وباسيل محكومة بالتوافق لحاجة كل منهما الى الآخر اولاً، ولقطع أيّ محاولة لتعكير العلاقة بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية ثانياً. وهذه الحاجة المتبادلة بين الطرفين نابعة من معطيات سياسيّة كثيرة أبرزها قدرتهما معاً على تخطّي الكثير من العقبات التي قد تجعل الحكومة غارقة في محيط واسع، اذ ليس من مصلحة الحريري أن يتصدّر صورة حكومة فاشلة أمام الرأي العام الخارجي، علماً أن كل لقاءاته تشدّد على كونه قادرا على الزام الحكومة بما يقوله. أمّا بالنسبة لباسيل، فهو يدرك تماما أنّ ما قام به من جهد وأن الشروط التي وضعها ستجعله مسؤولا عن نجاح الحكومة أو فشلها، علما أن فشلها سيؤثر سلبا على مستقبله السياسي. 


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal