لا إعتذار.. ولا تأليف!… غسان ريفي

إكتشف اللبنانيون أن الأجواء التفاؤلية التي عاشوها خلال الأيام الماضية على صعيد تشكيل الحكومة كانت مثل “سراب يحسبه الظمآن ماء”، حيث بدا واضحا أن الحديث عن تقريب وجهات النظر وتذليل العراقيل، إنقلب سريعا الى قصف كلامي إستدعى رفع المزيد من السواتر السياسية على جبهتي بيت الوسط ـ قصر بعبدا، وبيت الوسط ـ ميرنا الشالوحي، وذلك بمجرد البحث في عملية التأليف، ما يشير الى إستحالة التعايش أو المساكنة بين الرئيس سعد الحريري وبين الرئيس ميشال عون وصهر العهد جبران باسيل.

لم يعد يختلف إثنان على أن العقدة الأساسية التي تحول دون التفاهم على ولادة الحكومة هي الثلث المعطل، حيث أن كل الكلام المعسول الذي ساقه باسيل في مجلس النواب، ويوم أمس بعد إجتماع تكتل لبنان القوي، حول التمسك بالحريري رئيسا للحكومة وسحب كل ذرائع التعطيل، معطوفا على الأجواء المسربة من قصر بعبدا حول إكتفاء عون بحصة الثمانية وزراء، يبدو حتى الآن أنه لذر الرماد في العيون، على قاعدة “أسمع كلام أصدقك أشوف أمورك أستعجب”.

باسيل يتمسك بالحريري لكنه يرفض أن يعطيه حقه الدستوري في تسمية الوزيرين المسيحيين، وعون يكتفي بالوزراء الثمانية ولا يريد الثلث المعطل، لكنه يصر على المشاركة في تسميتهما ما يمنحه الثلث المعطل بطريقة إلتفافية، وهنا بيت القصيد لجهة أن عون وباسيل باتا على قناعة راسخة بأن الثلث المعطل هو المدخل الى البقاء ضمن المعادلة السياسية مستقبلا، وأن عدم الحصول عليه سيضعف فريقه السياسي ويقضي على طموحات باسيل الذي وبحسب المعلومات أعرب للخليلين والحاج وفيق صفا عن رفضه المطلق لتسمية الحريري الوزيرين المسيحيين.

لا شك بأن الاصرار العوني يهدف الى ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، لجهة تحقيق الانتصار على الحريري بمعركة الثلث المعطل، وإدخال رئيس الحكومة ضعيفا الى مجلس الوزراء بفعل التحكم البرتقالي بمصير الحكومة، وفرض معادلة جديدة في تشكيل الحكومات تمنع على الرئيس المكلف تسمية الوزراء المسيحيين ما يعني خرقا للدستور وتعديلا بالممارسة لاتفاق الطائف وهذا ما يدأب عليه عون وباسيل وتيارهما السياسي منذ بداية العهد.

في المقابل، رفع الرئيس الحريري سقف المواجهة عبر بيان ناري لتياره سأل فيه “هل نعيش في عهد جبران باسيل أم في عهد ميشال عون؟”، وذلك في رد واضح وصريح على رفض رئيس التيار إعطاء الحريري حق تسمية الوزراء المسيحيين، حيث تشير المعطيات الى أن الحريري المتفاهم مع الرئيس بري بعد جلسة بدأت بوتيرة كلامية مرتفعة، والمتحصن برؤساء الحكومات السابقين الرافضين المسّ بصلاحيات رئاسة الحكومة، والمتوجس من غضب الشارع، والخائف من الملفات الحكومية المعدة للانفجار في وجه حكومته، لن يقبل بتشكيل حكومة إلا وفقا للضوابط الدستورية التي تجعله مرتاحا في قيادتها، خصوصا أن أي ثلث معطل سيجعله رهينة هو وحكومته في يد جبران باسيل.

وتقول المعلومات: إن الحريري تداول مع بعض المقربين بإمكانية الاعتذار في حال سقوط مبادرة بري ووصول المشاورات الى طريق مسدود، لكن أكثر من جرعة معنوية وصلته خلال يوم أمس كان من بينها إتصال من وزير الخارجية المصرية سامح شكري وزيارة السفير المصري في لبنان ياسر علوي ما دفعه الى تأجيل البحث في هذه الفكرة مبدئيا، وهو أبلغ كتلته النيابية بأن لا إعتذار في المدى المنظور.


مواضيع ذات صلة:


 

 

Post Author: SafirAlChamal