تتقاطع المعلومات السياسية حول أن طبخة حكومية وضعت على نار حامية قد تبصر النور في فترة أقصاها الاسبوع المقبل.
كثيرة هي المؤشرات الايجابية في هذا الاطار محليا ودوليا، حيث بدا واضحا أن رسائل عدة مباشرة ومشفرة تم توجيهها الى من يعنيهم الأمر بضرورة المبادرة الى تقديم تنازلات متبادلة تفضي الى تشكيل الحكومة، خصوصا بعدما تجاوز الوضع الداخلي اللبناني كل الخطوط الحمر وصولا الى الانفجار الذي من شأنه أن يقود البلاد الى فوضى سياسية وأمنية وإجتماعية لا يريدها كثير من المعنيين بالشأن اللبناني.
أولى هذه المؤشرات هو “التكليف الشرعي” من السيد حسن نصرالله الى الرئيس نبيه بري “الصديق” القادر على تدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء تمهيدا لانتاج حكومة، حيث ترى مصادر أن حزب الله قد إتخذ قرارا حاسما بتشكيلها بدأ بالطلب من بري إعادة إدارة محركاته، وإنتهى بلقاءات مع رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل لضمان موافقتهما على الصيغ المقترحة، فيما تواصل بري مع الحريري الذي عبر عن إستعداده لتقديم تشكيلة حكومية محدثة، وهو بحسب المعلومات سيقوم بزيارة قصر بعبدا للمرة الـ 19 لمناقشة عون بها.
من بين المؤشرات أيضا، دخول البطريرك الماروني بشارة الراعي على خط الدعم لجهود الرئيس بري بتأمين غطاء بكركي للجهود المبذولة وللتوافق في حال حصوله، معطوفا على رسالة البابا فرنسيس الى رئيس الجمهورية وما تحمله من معان، حيث تمنى فيها أن “تدعم روح الحكمة الرئيس عون ومعاونيه وأن تنير لهم سبل قيادة لبنان على طريق السلام”، وفي ذلك دعوة فاتيكانية صريحة للرئيس عون بضرورة بذل الجهود لتشكيل الحكومة، خصوصا أن البابا فرنسيس يربط زيارته الراعوية الى لبنان بتشكيلها.
وفي هذا الاطار كان لافتا عودة الحراك الدولي باتجاه لبنان، لا سيما مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى إستقبال قائد الجيش العماد جوزف عون وتأكيده على توفير كل سبل الدعم للجيش ليبقى مستمرا في آداء واجباته، بما في ذلك عقد مؤتمر دولي لدعم المؤسسات الأمنية اللبنانية، وبدا واضحا أن ماكرون إعتمد قاعدة: “عم إحكيك يا جارة تتسمعي يا كنة” بأن فرنسا سحبت مبادرتها الحكومية بعدما يئست من التيارات السياسية المعنية التي لم تلتزم بالعهود التي قطعتها لها، لكنها مستمرة في دعم المؤسسات الرسمية وعلى رأسها قيادة الجيش.
كذلك، جاء إستقبال روسيا لمستشاري الرئيس ميشال عون النائب السابق أمل أبو زيد، ومستشار الرئيس سعد الحريري جورج شعبان اللذان إلتقاهما كل على حدة مساعد وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، ليؤكد إصرار موسكو على ضرورة تقديم التنازلات المتبادلة بين الرئيسين لتشكيل الحكومة، خصوصا أن أكثر من رسالة روسية سلبية كانت وصلت الى المعنيين بالتأليف تحملهم مسؤولية إحراق البلد وإغراقه بالفوضى.
كل تلك المؤشرات توحي أن الفرج الحكومي بات قريبا، خصوصا أن مصادر الثنائي الشيعي تؤكد أن الأمور ذاهبة الى الحلحلة وأن البلد لم يعد يحتمل مزيدا من الفراغ ومن الصراعات السياسية ومن الضغط الاجتماعي.
وتشير المعلومات الى أن الجميع إقتنع بحكومة من 24 وزيرا، لا ثلث معطل فيها لأي تيار سياسي، فيما تنصب الجهود على تسمية وزيرين مسيحيين لوزارتي الداخلية والعدل يتقاطعان مع كل التيارات السياسية بضمانة الصرح البطريركي، وسيكونا أشبه بوزيرين “ملكين” في الحكومة التي ستضم ثمانية وزراء لرئيس الجمهورية (7 مسيحيين بينهم ممثل عن الطاشناق وواحد درزي محسوب على النائب طلال أرسلان) ثمانية وزراء لقوى 8 آذار (5 للثنائي الشيعي و2 للمردة، وواحد قومي) وثمانية لرئيس الحكومة (5 سنة واحد درزي محسوب على وليد جنبلاط و2 مسيحيين على تماس مباشر مع كل الأطراف).
تقول المصادر: إننا أمام حكومة الفرصة الأخيرة، فإما أن تتشكل أو أن يتجه الرئيس الحريري نحو الاعتذار بفعل إستحالة حصول تعاون بينه وبين الرئيس عون، وبالتالي ذهاب البلد نحو المجهول والانفجار، بإنتظار تكليف شخصية سنية أخرى تشكل حكومة مهمتها إدارة الأزمة، والعمل على إعادة النازحين السوريين، وترسيم الحدود، والتحضير للانتخابات النيابية في العام المقبل لإعادة تكوين سلطة جديدة.
مواضيع ذات صلة: