الفوضى تجتاح عكار.. والمسؤولون في سبات عميق!.. نجلة حمود

وكأنه لا يكفي المواطنين العكاريين الباحثين عن أدنى مقومات الحياة، الذل الذي يتعرضون له يوميا على أبواب التعاونيات ومحطات الوقود، والأفران، وأبواب الصيدليات في رحلة البحث عن الدواء المفقود، وكأنه لا يكفيهم الفقر الذي فاقم من معاناتهم أضعاف باقي المناطق في لبنان، بسبب الاهمال والحرمان المزمنين اللذين عانت منهما محافظة عكار على مدار الحكومات المتعاقبة والسلطة السياسية التي لم تتعامل مع أكبر المحافظات سوى كونها خزانا بشريا يمول تحركاتها السياسية الطائفية والمذهبية.

هي السلطة نفسها التي وجدت في الانهيار الحاصل تبريرا لأفعالها، ولتقصيرها حيال أبسط مقومات الحياة، هو بلد الفساد، والفاسدين، فالغلاء يتوحش على المواطنين، والتجار تحولوا الى جلادين، والأسعار تتفاوت بين متجر وآخر بالأضعاف على مرأى ما يسمى لجنة حماية المستهلك، من دون أية ضوابط، والكل يحتكر المواد الأساسية المدعومة الى حين إرتفاع أسعارها لتحقيق أرباحا خيالية، الجميع متورط وفي أفضل الحالات متواطئ وصامت عن حقه، وكأن الاستسلام هو الشعور السائد.

وسط هذه الفوضى وجدت السلطات المحلية من بلديات واتحادات فرصتها للاستقالة كليا من واجباتها، فالبلديات في خبر كان بإستثناء القليل منها يعمد الى تحصين بلداته والاهتمام بأهله ضمن الامكانات المتوفرة وبدعم من المغتربين.

ليس الأمر بجديد على بلديات عكار وإتحاداتها التي إشتهر الكثير منها بالفساد وسرقة وهدر المال العام، هي فضائح بالجملة، ولعل آخرها الحفريات المنتشرة على إمتداد المحافظة نتيجة مشاريع الهدر والفساد والسمسرة و”مرقلي لمرقلك” المتعلقة بمجلس الانماء والاعمار، وكان نتيجة ذلك، حفريات لا تنتهي وطرق عامة لم يأذن لها بعد أن تصبح لائقة لسير المواطنين بدل الدواب، هي الطرق نفسها التي حُفرت عشرات المرات ورُصدت لها مبالغ هائلة ولكن لم يقدر للعكاريين أن ينعموا بها.

ولعل سقوط قتيلين قبل أيام على طريق عام برج العرب وجرح ثالث جراء الأعمال التي تقوم بها شركة “دنش” نتيجة طبيعية لكل ما سبق ذكره عن بلديات تصلح عنها كتابة مجلدات لا تنتهي، وإن حاول القيمون عليها التبرير والتفسير الا أن صفقاتهم وسمسراتهم واضحة وضوح الشمس، تلك البلديات التي دخل الى صناديقها أموالا لا تعد ولا تحصى، وهي بدل من أن تقوم بأعمال المتابعة والمراقبة لكل ما يجري داخل نطاقها من أعمال، لكونها سلطة محلية يخولها القانون المحاسبة والمساءلة الا أنها تعمل وفق مقولة “سايرة والرب راعيها”، وعلى حد تعبير أحدهم إحدى أكبر البلديات في عكار دخل اليها أموالا كفيلة بجرف البلدة كليا وإعادة إعمارها، الا أن النفايات تغزوها والفقر ينهش أهلها!.

ويضيف: “الأموال صرفت لضمان المناصب وشراء العقارات والسيارات الخاصة، وتم لفلفة الكثير من الملفات العام المنصرم، يوم ظن اللبنايون أن هناك شعبا إنتفض على واقعه المرير، يوم طالبوا بالمحاسبة والمساءلة فسارع هؤلاء لتسوية أمورهم وتستير عيوبهم، عبر الغطاء السياسي”.

وباتت كبرى الفضائح هي في أن تتحول عكار بأكملها ومداخلها الرئيسة والفرعية، والمفارق العامة الى عنق زجاجة يحبس المواطنين في سياراتهم لساعات والسبب زحمة السير موعد خروج الطلاب من المدارس، وكأن ما ينقص المواطنون هو حرب الأعصاب على الطرق للوصول الى مدارس أطفالهم، فما هذه الفوضى المدمرة.

أين البلديات والاتحادات؟ وأين مفرزة سير حلبا المسؤولة عن السير في كل المحافظة، وهي إذ تغيب عن كل عكار هل يصعب عليها التواجد عند المفارق الرئيسة موعد خروج الطلاب من المدارس؟ أين محافظ عكار عماد لبكي من كل ما يجري، ألا يستدعي ذلك دعوته لاجتماع يضم القوى الأمنية والبلديات والاتحادات لوضع خطة لمركز المحافظة لتنظيم المرور في وقت الذروة والتخفيف من معاناة المواطنين؟. ألا يخجلون من تكرار المشهد نفسه كل يوم؟ وإن كان تبرير إتحاد بلديات الشفت بأن شرطة الاتحاد تنهمك بتنظيم السير أمام المؤسسات المصرفية ومحطات الوقود، لتفادي الاشكالات، فما هو تبرير مفرزة السير والقوى الأمنية؟.

الناس كفرت بحالها وبواقعها، وبوضعها الاقتصادي والمعيشي البائس، الكل مستقيل من مهامه، وما زال البعض يتساءل عن سبب الاشكالات المسلحة على أفضلية مرور أو دور في محطات الوقود، وعن سبب تزايد العنف، وعن سبب الهستيريا التي تصيب المواطنين وبالأخص العقلاء منهم!

Post Author: SafirAlChamal