لم يعد لدى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل سوى الشعارات ″الفارغة″ حول إسترجاع حقوق المسيحيين بهدف شد العصب المفقود، والعبارات الغامضة لجهة الميثاقية ووحدة المعايير ومراعاة التمثيل التي تحتاج الى منجم ″مغربي″ لفك طلاسمها، والاعتداء على إتفاق الطائف وتحريف بنوده بإعطاء رئيس الجمهورية الحق في الحصول على الثلث المعطل في الحكومة..
يستقوي باسيل بعمه الرئيس ميشال عون الذي يضع توقيعه على مراسيم الحكومة في عهدته الى حين تحقيق كامل مكاسبه، كما يسعى الى حماية “ذراعه القضائي” غادة عون، والى منع القوى الأمنية من التعرض للجمهور البرتقالي الذي يساندها في إقتحاماتها.
في غضون ذلك، تتجه دولة الكويت الى أن تحذو حذو السعودية في منع دخول إرساليات الفواكة والخضار اللبنانية إليها، وكما بات معروفا فإن القرارات التي تتوافق عليها السعودية والكويت غالبا ما تنسحب على دول مجلس التعاون الخليجي، ما يعني أن لبنان ماض بخطى ثابتة نحو مزيد من الانهيار مع كساد المواسم الزراعية التي لن تجد أسواقا لتصريفها.
أمام هذا الواقع المؤلم، فإن الرئيس عون الذي سارع الى عقد إجتماع أمني طارئ لحماية مناصري تياره السياسي، يبدو أنه لم يأخذ أزمة القرار السعودي على محمل الجد، أو ربما لم يُبلغ بتفاصيلها البالغة الخطورة من قبل المسيطرين على دوائر قصر بعبدا، فكان أن دعا الى إجتماع يوم غد الاثنين لمناقشة الأمر، أي بعد أربعة أيام من صدور القرار المرشح للتمدد خليجيا.
هذا الواقع، يشير الى أن فريق العهد يعيش في كوكب آخر بعيد جدا عن المخاطر التي تحيط باللبنانيين وتهددهم بالافلاس والجوع، وتدفع المجتمع الدولي الى إعلان بلدهم دولة فاشلة، حيث أن تحقيق مصالح “صهر العهد” أهم من كل الأزمات التي يمكن أن تنتظر قليلا الى حين إنتهائه من معركة الثلث المعطل مع الرئيس الحريري..
لا يختلف إثنان على أن باسيل مأزوم بشكل غير مسبوق، فتياره يواجه إنقسامات داخلية، والمعارضة العائلية تثقل عليه، والعونيون القدامى يربكونه، فضلا عن أنه معزول داخليا ومحاصر خارجيا، وتنتابه “نوبات” حسد وغيرة من الحريري الذي يصول ويجول في أرجاء العالم لتسويق فكرة حكومة الاختصاصيين حتى وصل أخيرا الى الفاتيكان التي يبدو أنها إقتنعت بتعطيل عون وباسيل لتشكيل الحكومة.
يدرك باسيل أن الممر الوحيد لبقائه على قيد الحياة سياسيا، هو حصوله على الثلث المعطل في الحكومة بما يجعله شريكا مضاربا لرئيسها ويمتلك كلمة الفصل فيها، وما دون ذلك، فإن العزل الكامل سيكون مصيره وصولا الى عدم قدرته على الاستمرار في قيادة تياره.
لذلك، بدا باسيل في مؤتمره الصحافي أمس، مضطربا، متناقضا مع نفسه ومع مواقف عمه، وهو نسب لنفسه بطولات وهمية، وأهان ذاكرة اللبنانيين، ونكأ جراح الحرب، ولم يحفظ الخبز والملح الذي تناوله مع البطريرك بشارة الراعي قبل أيام، فانقلب عليه إنطلاقا من غضبه العارم على إستقبال الفاتيكان للحريري.
وربما نسيَ باسيل أن “الكذب يكون على الأموات وليس على الأحياء” الذين عايشوا الأحداث والمواقف، حيث حاول تقديم نفسه كبطل في ملف بواخر الكهرباء التي كان متحمسا لها جدا، حيث عمل في مؤتمره على تزوير وقائع ما تزال محاضرها موجودة في مجلس الوزراء بادعائه أنه ألزم الشركة بدفع غرامة 25 مليون دولار أميركي، في حين أن القاصي والداني يعلم أن رئيس الحكومة آنذاك نجيب ميقاتي هو من هدد بإلغاء صفقة البواخر، ورفض التوقيع ما لم يتم دفع الغرامة البالغة 25 مليون دولار، حيث سارع باسيل الذي كان وزيرا للطاقة وربما مستفيدا من الصفقة الى إدراجها سريعا منعا لالغائها.
أمام البطولات التي نسبها باسيل لنفسه ولعهد عمه، ومع القرارات الخليجية بمنع إستقبال المنتوجات اللبنانية، وفي ظل تشدقه الدائم بالدفاع عن حقوق المسيحيين، فليبادر إذا كان يستطيع الى شراء المحاصيل اللبنانية أو تسويقها في “جولاته الخارجية من بلد الى آخر”، لا سيما التفاح الذي سبق ونسبه الى المناطق المسيحية وكذلك العنب وسائر أنواع الفواكه والخضار حتى لا تبقى المواسم كاسدة في أرضها، ويُسجل على “العهد العوني” فشلا جديدا!..
مواضيع ذات صلة: