هيل لا يحمل في جعبته ″كلمة السّر″ لتشكيل الحكومة… عبد الكافي الصمد

أكثر من رسالة حملها معه وكيل ​وزارة الخارجية الأميركية​ للشؤون السّياسية ​ديفيد هيل​، في زيارته الأخيرة إلى لبنان، عبّر عنها بشكل أو بآخر من خلال المواقف السّياسية لإدارته من الملف اللبناني، ورؤيتها حيال القضايا المختلفة فيه.

هذه الرسائل يمكن إختصارها بالتّالي:

أولاً: تأتي زيارة هيل قبل فترة وجيزة من انتهاء فترة خدمته وإحالته على التقاعد، ما يعطي زيارته صفة الوداع أكثر من كونه يحمل مبادرة جدّية لمعالجة الملف الحكومي العالق منذ أكثر من 5 أشهر ونيّف، ورسّخ هذا الإنطباع أن زيارة هيل إلى لبنان ـ وهو الخبير بتفاصيله ـ تزامنت مع مغادرة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى روسيا بناء لدعوة زيارة رسمية، ما يؤكّد أنّه لو كانت زيارة هيل تحمل في طيّاتها كلمة السر لتأليف الحكومة لما غادر الحريري في هذا التوقيت، ولكانت معالم الحلّ قد برزت، مع أنّ هيل شدّد على أنّه “حان الوقت لبناء الحكومة في لبنان ولإجراء الإصلاحات الشاملة ونحن مستعدون للمساعدة، ولكن لا نستطيع من دون حكومة”.

ثانياً: حمّل هيل “القادة في لبنان” فشل معالجة المشاكل الإقتصادية، لا سيما خسائر أموال المودعين، ما فسّره البعض بأنّه إشارة ضمنية إلى أنّ الإدارة الأميركية لن تتردّد في فرض عقوبات على هؤلاء القادة، أو على بعضهم، من أجل وضع حدّ للفساد وسوء الإدارة، و”تحقيق التغيير الذي لو تحقق” ـ وفق هيل ـ “لكنّا حالياً على طريق التعافي”.

ثالثاً: برغم تحميله “القادة” في لبنان مسؤولية الفشل وتبعاته، فإنّ هيل شدّد بالمقابل على أنّ “أميركا​ لن تترك الأصدقاء في لبنان”، وهو كان شديد الحرص على زيارتهم أو الإلتقاء بهم في مبنى السفارة بعوكر، إنّما إذا كان أصدقاء العم سام في لبنان يعدّون من أبرز رموز الفساد في بلاد الأرز، فإنّ المقصود بتهمة الفشل يبقى خصوم أميركا تحديداً، ما يعني أنّ التهمة سياسية بالمقام الأول، الأمر الذي يجعلها تفقد مصداقيتها.

رابعاً: أعاد هيل التذكير بموقف إدارته السلبي من حزب الله، ومع أنّه لم يأت على ذكر شرط واشنطن تشكيل حكومة جديدة لا يكون فيها أي ممثل لحزب الله فيها لتنال الدعم الدولي، إلا أنّ تحميله الحزب مسؤولية “تحدّي الدولة وتشويه الحياة السّياسية اللبنانية”، و”تكديسه للأسلحة الخطرة، والتهريب، والأنشطة غير المشروعة والفاسدة الأخرى، يقوّض مؤسسات الدولة الشرعية”، كلها مواقف تكفي للدلالة أن أميركا ما تزال على موقفها.

خامساً: لم يغب ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وكيان العدو الإسرائيلي عن مباحثات ومواقف هيل في لبنان، بعد الضجّة التي أثيرت حول هذا الملف، ما جعل المبعوث الأميركي يبدي استعداد بلاده “لتسهيل المفاوضات البحرية”، التي يمكن لها  برأيه “الإستفادة منها لتحقيق منافع إقتصادية”، مقترحاً “عند الإقتضاء، إستقدام خبراء دوليين للمساعدة”، في إشارة ضمنية منه إلى أنّ الموقف اللبناني من الترسيم لا يُبنى عليه في المفاوضات، ولا يمكن إعتباره نهائياً ومقبولاً.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal