هل من منقذ فعلي للبنان؟… مرسال الترس

بات العديد من اللبنانيين، لا بل معظمهم، على قناعة تامة بأن بلدهم الذي تغنوا بتاريخه لعقود، ووضعوه بمستوى سويسرا الأوروبية، بات على قارعة الطُرُق الدولية يستجدي المساعدات والهبات نظراً لوضعه المذري البعيد عن أي واقع منطقي!

وفيما أطلق وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي هذا الأسبوع الصوت لوزراء الداخلية العرب قائلاً: “لبنان بحاجة ماسّة لوقوفكم بجانبه ومساعدته”. كان البنك الدولي يمنحه مساعدة طارئة (أو ربما تصدّق عليه بدين طويل الأجل) 246 مليون دولار أميركي لتوزيعها شهرياً ولفترة محددة على العائلات الأشد فقراً، (786 األف شخص) و”تهدف المساعدة إلى دعم تطوير نظام وطني لشبكات الأمان الاجتماعي لإتاحة استجابة أفضل للأزمات “المتفاقمة وغير المسبوقة” التي تشهدها البلاد!

                فوجئ اللبنانيون بالخطوة اللافتة التي أعلن عنها وزير الصحة حمد حسن والمتضمنة إيعازاً من الرئيس السوري بشار الأسد بتزويد لبنان بخمسة وسبعين طناً من مادة الأوكسجين لسد النقص الحاصل في القطاع الصحي في لبنان نتيجة أزمة كورونا المستفحلة، والحؤول دون فقدان المئات من المصابين حياتهم بسبب عدم توفر المادة.

وفيما شكر لبنانيون البنك الدولي على الإجراء الذي إتخذه، لم يشأ بعضهم أن يستوعب خلفيات الخطوة التي أقدم عليها الرئيس السوري فيما فسّر – المنطقيون منهم – الإجراء الشجاع بأنه ترجمة فعلية للأخوّة بين البلدين، وهي ذكّرتهم بما فعله الرئيس اللبناني الراحل سليمان فرنجية في العام 1973 حين سارع بإعطاء الأوامر لتزويد الشقيقة سوريا بالمواد النفطية على إثر الحرب التي نشبت مع الكيان الصهيوني.

الثابت، وبدون أي تأويل ورغم كل الظروف الصعبة التي مرّت على البلدين نتيجة تضارب أو تشابك المصالح الإقليمية والدولية، فإن الخريطة الجغرافية للبنان تُحتم عليه أن تكون علاقاته مع الشقيقة العربية سوريا أكثر من طبيعية، بالرغم من كل التقلبات والصراعات السياسية، إضافة الى التجاذبات والحروب الدولية التي فعلت فعلها بين البلدين، ودفعتهما إلى أحوال من العداء في محطات متعددة.لأن القوى الدولية مهما أبدت من “حنان” أو “عطف” أو “إهتمام” بالبلد المتوسطي الصغير فذلك ينطلق من مصالح واستراتيجيات لا ولن ترقى يوماً إلى حد الشفقة على مواطني الدول التي تكون في معظم الأحيان حطباً في أفران المصالح الدولية.

والثابت أيضاً، أن هذه المساعدات لن تُغني اللبنانيين عن جوع، إذا لم تبادر القوى الإقليمية والدولية إلى التوافق على تخريج حلٍ على غرار ما حصل: في المبادرة العربية عام 1976، او في الطائف عام 1989 والدوحة عام 2008. لأنه خارج ذلك سيبقى أهل السياسة في لبنان على تجاذباتهم نتيجة فقدان الثقة ببعضهم البعض.

فهل ذلك ممكن وقابل للتحقيق في المدى المنظور؟..


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal