زمن إختيار الطاقم السياسي الحاكم من قبل المرجعيات الروحية؟… مرسال الترس

هل من المناسب أن يُستعان برجال الدين عندما يفشل السياسيون؟ أمر جدير بالبحث ولو أن التجارب في هذا المضمار قد بدّلت في المفاهيم أو حققّت المبتغى.

من الجيد جداً أن يكون مقر البطريركية المارونية في بكركي، وبقية المراجع الروحية في لبنان المتعدد الطوائف والمذاهب، محجة للعديد من الشخصيات السياسية من مختلف الأفرقاء، للبحث في أوضاع الرعايا ومشاكلها، لكن من غير المنطقي هو أن تتحول تلك المقرات نقاط إرتكاز في التفتيش عن مخارج للحلول السياسية، أو بهدف إزالة العراقيل من أمام تشكيل حكومة جديدة! فالمناسب للجميع أن يتم إعتماد ما جاء في تعاليم الإنجيل المقدس حين قال السيد المسيح لمن يجربونه: “أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله”. فهذا التشابك الحاصل بين الديني والمدني في الدولة يدفع الجميع للغرق في ما تعززه الطائفية والمذهبية من انقسامات على حساب الخيار الوطني الصِرف الذي يجب أن يتمسك به اللبنانيون من أجل إعادة بناء دولتهم المنشودة!

الواضح أن الأسئلة التي تتزاحم على ألسنة معظم المراقبين تتمحور حول التالي:

إذا سلمّنا جدلاً أن المسؤولين والسياسيين قد فشلوا في قيادة السفينة اللبنانية، ولم يعد بالإمكان إختيار مجموعة ولو قليلة جداً من تلك المنظومة، لتقوم بمهمة الإنقاذ نظراً لما وصله الفساد من درجات متقدمة جعلت الأنقياء من اللبنانيين يشكّون بانفسهم. فهل من المنطقي ان يتم تسليم أمور الدولة إلى رجال الدين الذين يمثلون ثمانية عشر طائفة لكي يديروا السياسة في لبنان؟

ألم نتعلم من تجارب الماضي القريب والبعيد (مرحلة البطريرك الراحل الكاردينال نصرالله صفير) كم كانت النتائج سلبية عندما تم الطلب من رجال الدين إختيار المسؤولين في لبنان، أو على الأقل تأمين التغطية لهم. في حين أنه بالمفهوم السياسي فإن محاسبة المسؤول يجب أن تتم وفق نجاحه في أداء دوره، وما يقدمه للمواطن، وليس بمدى قربه من المرجعية الدينية، أو بمدى العطف الذي يغدقه عليه بيته الطائفي أو المذهبي (مثالان قريبان، التغطية التي أمنّها البطريرك الكاردينال بشارة الراعي لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أو الخط الأحمر الذي وضعه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ودار الأفتاء على مساءلة الرئيس السابق للحكومة ووزير المال فؤاد السنيورة قضائيا).

إذا فشلت كل المبادرات، وأهل الحل في تباعد متواصل ولم يعد بالإمكان إيجاد مجموعة صالحة تَخْلُف من جرّ البلد الى الإنهيار. هناك من يطمح ربما إلى إعتماد النموذج القبرصي السابق في تسليم البطاركة والمطارنة والمشايخ لأمور الدولة! مع عدم إغفال أن النظام القبرصي ذاك أدى إلى تقسيم الجزيرة المتوسطية. حتى قيل حينها:”هناك مخطط لقبرصة لبنان”. فهل هذا ما يرغبون به أو يسعون إليه؟

وفي كل الظروف إن الحديث عن الدولة المدنية يجب أن يقترن بالأفعال وليس بالمزايدات التي لا تؤدي الاّ إلى مزيد من الإبتعاد عن الحلول!..


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal