يُجمع العديد من المراقبين على أن حزب الكتائب اللبنانية الذي تأسّس عام 1936 يعيش حالاً من الإنفصام، بين ما كان عليه من تألق قبل ستة عقود، حيث كان يلعب دوراً محورياً في السلطة لجهة تمثيله الجزء الأهم من المسيحيين. وبين اليوم حيث يتأرجح بين المعارضة، أو التمثيل الثانوي، أو الإنكفاء إلى حدود الالغاء. وسط علامات استفهام تتمحور حول سؤال مركزي: في أي إتجاه يأخذ سامي الجميل الحزب الأعرق مسيحياً؟
– هل هو بصدد استعادة الدور الذي أراده له الجد المؤسس الشيخ بيار الجميّل؟
لا شك بأن الظروف تختلف بين مرحلة وأخرى فما كان متيسراً قبل تسعة عقود، وما تبعها من تطورات شملت الاستقلال والحروب والصراعات، لم تعد متوافرة في مطلع القرن الحادي والعشرين، لجهة تبدُّل العديد من موازين القوى على الساحتين اللبنانية والإقليمية، وإنقلاب العديد من المفاهيم السياسية. فما كان يصلح في الثلث الأول من القرن الماضي ومنتصفه، بات من مخلفات الماضي. وعلى أي مؤسسة ان تواكب التطور والتكنولوجيا ووسائل التواصل الإجتماعي المستجدة، مضافاً إليها الأفكار االمنفتحة في التعاطي الإعلامي والتسويق لكي تستطيع إيجاد نفسها بين الأجيال الصاعدة!
– أو أنه يعمل على توليف تركيبة جديدة لا تشبه تاريخ الحزب؟
من المسلم به أن أية نقلة نوعية في فرض مفاهيم واقعية، أو طرح أفكار متجددة تتطلب جهوداً جبارة وآلية عمل مبتكرة: إما تستند إلى شخصية رئيس الحزب الديناميكية الفذة. وهي مواصفات لم تظهر حتى الساعة في شخصية سامي الجميل! وإما الاتكال على مجموعة متجانسة خلاّقة قادرة على الدخول إلى وجدان الشباب اللبناني التوّاق دائماً الى التغيير والتطور. وهذا ما لم تثبته المجموعة المحيطة برئيس الحزب والتي تستند إلى أفكار ترسخت منذ التأسيس ولم تنجح في إحداث جذب غير متوقع للشباب اللبناني عموماً، والمسيحي على وجه التحديد!
– أم هل ستؤدي مسيرته الى جر الحزب للانهيار، أو الابتلاع من قبل قوى فاعلة على الساحة المسيحية؟
يبدو واضحاً ان الحزب الذي وجد نفسه في بيئة ضيقة يتنافس فيها على فئات محددة من المواطنين الذين واجهوا ويواجهون ادّق مراحل وجودهم، قد فشل في إحداث إختراقات غير متوقعة في تلك البيئة، ولذلك كان واضحاً أن الأحزاب والتيارات التي قاسمته تلك الشرائح قد نجحت في إقصائه عن العديد من المواقع، ولاسيما ربيبه “حزب القوات اللبنانية”، ونقيضه “التيار الوطني الحر”. وإذا ما استمرت الأمور على هذا المنوال فمستقبل الحزب لن يكون أفضل من الأحزاب اللبنانية التي بلعها “الحوت” بعدما كانت فاعلة جداً في مراحل محددة. وعلى سبيل المثال لا الحصر أحزاب “الوطنيون الأحرار” ، “النجادة”، “الكتلة الوطنية” وسواها. وبالتالي فالاتكال على الأمجاد فقط لن يجدي نفعاً!
صحيح أن النائب المستقيل سامي الجميّل يوحي للمتابعين أنه يسعى لإحداث نقلة نوعية في الحزب الذي كان من الأوسع انتشاراً، ولكن ما بان حتى تاريخه لا يوحي مطلقاً أنه في الإتجاه المُجدي. وأن إعجابه بما فعله جده المؤسس لا يكفي باستعادة ما خسره حزب “الله والوطن والعائلة” في العقود القليلة التي إنطوت!
مواضيع ذات صلة: