مَن تابع وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الإجتماعي هذ الأسبوع إعتقد أن الإنتخابات الرئاسية في لبنان ستجري الأسبوع المقبل او على أبعد تقدير بعد أسبوعين. نظراً لما تضمنته التعليقات والتحليلات وأخبار المصادر المتنوعة من مضامين حول المرشحين إلى هذا الموقع الماروني. فلماذا كل هذه الضوضاء في هذا التوقيت بالذات؟
المتداول أن الاسماء المتناحرة هم ثلاثة: قائد الجيش العماد جوزيف عون، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بينما تمّ إغفال أن هناك مقولة متعارف عليها في لبنان وهي :”أن كل ماروني مرشح حتى يثبت العكس”!
أسهبت وسائل الإعلام بالتركيز على أن أسهم قائد الجيش قد إرتفعت رئاسياً، بعد الكلمة العالية السقف التي وجهها لكبار القادة في اليرزة بوجه المسؤولين والسياسيين، واستناداً إلى سلسلة مؤشرات سابقة، معطوفة على تراجع اسهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على خلفية أصابع الإتهام التي وجهت إليه على ضوء الأوضاع المالية والنقدية المنهارة. بدا واضحاً أنه وبالرغم من القلق الذي شكّله تصريح العماد عون لبعض الشخصيات السياسية الطامحة، فإنه والقيادة لم يتوقفا عند التحليلات التي ربطت ما حصل من تحركات مطلبية على الأرض، وأسلوب تعامل الجيش معها بتوءدة وبعيداً عن القوة بالاستحقاق الرئاسي، ويعرفان جيداً أنه عندما يدق النفير يسير النواب وفق ما يحلّه عليهم “الروح القدس”!
في معراب تبدو الصورة مختلفة، فبرغم البحث المتواصل عن عناصر قوة داخلية (انتخابات مُبكرة) وخارجية (تنشيط العلاقات مع بعض دول الخليج) لدعم حظوظ رئيس الحزب سمير جعجع في الوصول إلى قصر بعبدا، تتحدث مصادر متابعة عن طرح مُستحدث، هو بمثابة جس نبض، ويتمثل بتسريب أنباء عن توجه لدى جعجع الذي خُذل من تيار المستقبل في العام 2016 بترشيح زوجته النائب ستريدا طوق التي قد تغيّر المعادلة!
في ميرنا الشالوحي يعيش رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل هاجساً تجاه كل ماروني يتم تداول أسمه بأنه قد يكون مرشحاً للإنتخابات الرئاسية المقبلة، فكيف بالأسماء الجدية التي تحوّل الهواجس إلى كوابيس مزعجة، تنعكس أداء انتقامياً ليس ضد السياسيين الذين يناؤونه، بل إزاء العناصر الناشطة داخل تياره والذين ترك العديد منهم بوسطة التيار مع حسرة على ما كانت عليه الأمور إبان ترؤس الرئيس العماد ميشال عون ذاك التيار من الرابية!
في بنشعي، يعيش رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه متجانساً مع أفكاره وتوجهاته التي لم يَحِد عنها قيد أنملة، برغم الإتصال الهاتفي الذي تلقاه من الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند عشية انتخاب العماد عون عام 2016. ولذلك فهو يرصد جيداً ما يحصل على الساحة اللبنانية، لاسيما المتعلق منها بالانتخابات الرئاسية المقبلة باعصاب هادئة، من دون أن يهاب أية منافسة قد يستقر عليه الشوط الأخير من السباق، لأنه على قناعة تامة ان الانتخابات الرئاسية في لبنان تبقى مرهونة بالتطورات والمستجدات حتى لحظاتها الأخيرة!
الوقائع أثبتت منذ إنتخاب أول رئيس للجمهورية بعد الإستقلال قبل سبعة عقود ونصف، أنه في مجمل الأحيان يبقى التنافس بين المرشحين حتى دخول النواب إلى قاعة المجلس لوضع أوراق الإقتراع في الصندوق الزجاجي. ولكنه لم يحصل في أي من الأوقات أن الصراع على كرسي الرئاسة قد بدأ قبل سنة ونصف من تاريخ إنتهاء ولاية الرئيس السلف. وما يجري يصب في خانة الخواء السياسي البعيد كل البعد عن ما يعاني منه المواطنون!..
مواضيع ذات صلة: