مرجع شيعي بوجه مرجعية مارونية… هل هذا هو المرتجى؟… مرسال الترس

سمعتُ أكثر من لوم في الفترة الماضية من أصدقاء وقرّاء على ما كتبته من انتقاد للبطريرك الماروني بشارة الراعي على طروحاته المتعلقة بالحياد والتدويل، حتى أن إحدى الصديقات قالت لي: “كيف أنت الماروني من قضاء زغرتا تنتقد بهذا الشكل طروحات أعلى مرجع ديني ماروني في هذا الشرق، ليتك تتعرف عليه عن قرب لتطلع على ما يتمتع به من مقومات القيادة”؟

كان جوابي لها: “أنا لم أشكك يوماً في قدراته القيادية الرعوية في الطائفة، وبخاصة أنني تابعت العديد من نشاطاته ومحاضراته وإطلالاته التلفزيونية أثناء عملي الصحفي وكان هو برتبة أسقف. ولكنني أنتقد طروحاته تلك من زاوية وطنية، لما قد تجرّ من تداعيات على صعيد التعايش بين طوائف ومذاهب التركيبة اللبنانية التي بُنيت منذ ما قبل الاستقلال على التوافق والتفهم والتفاهم، حتى لا يطغى رأي فريق على آخر، وتنهار التركيبة الفريدة ليس في هذا الشرق فحسب وإنما في العالم”!

واضفت: “قد يكون غبطته قد تأثر بمسؤول سياسي من هنا أو بمستشار من هناك، ولكن موقعه يتطلب أن يزين مواقفه بميزان ذهب “الطوائف والمذاهب” في هذه البقعة المتوسطية، وهو بالتأكيد يدرك ذلك جيداً، لأن العديد ممن سبقوه في موقعه قد فعلوا ذلك ليس خوفاً من أحد بل حفاظاً على ذاك النسيج الفريد”!

ولكّن الملاحظ أن مواقف سيد بكركي قد تدحرجت صعوداً، فلم يكتف بفكرة الحياد التي جوبهت برفض نصف المجتمع اللبناني، ولكنه أتبعها بالدعوة الى التدويل. حتى أنه قال في عظته الأحد الفائت: “المؤتمرُ الدوليُّ يَنزعُ التدخّلاتِ الخارجيّةَ التي تمنعُ بلورةَ القرارِ الوطني الحرِّ والجامع، ويُثبِّتُ دولةَ لبنان ويَضمنُ حيادها الإيجابيّ. ويبقى على الأمم المتّحدة أن تجد هي الوسيلة القانونيّة لتقوم بواجبها تجاه دولة لبنان التي تتعرّض للخطر وجوديًّا”.

 فهل كان سيد بكركي يتوقع أن ينبري أحد أبرز المراجع في الطائفة الشيعية، أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ليعلن رفضه لفكرة التدويل وبالتالي الحياد ويقول: “إنّ الكلام عن قرار دولي تحت الفصل السابع مرفوض ومستغرب وهو دعوة إلى الحرب واحتلال لبنان من قوات أجنبية”.  

وقال: “إنّ حزب الله لا يمكنه المجاملة في ذلك، لأن التّدويل أيضاً من خلال أخذ الملف إلى الأمم المتحدة يضر بلبنان وسيادته ويعقّد الأمور فيه”.

وأضاف: “إنّ التدويل قد يكون غطاءً لاحتلال جديد والدول التي يدعونها، والتي لن تقدّم مصلحة لبنان أولاً لأنّ لديهم مصلحة “إسرائيل” أولاً “.

ويختم السيد نصرالله: “أقول للبعض انه بالذهاب الى التدويل قد تكون البداية عندكم إلا ان النهاية بالتأكيد لن تكون عندكم. خاصة عندما تدخل الدول الكبرى وبعضها يريد مصلحة اسرائيل وقد يؤدي ذلك الى الحديث عن ملفات تتعلق بالتوطين وتضييع حقوق لبنان في البحر والنفط”.

اللافت أن إحدى الصحف “الملتبسة التوجهات” صدرت أول أمس لتتحدث باسم الصرح الماروني وتكتب بان :”بكركي تعتبر كلام السيد نصرالله مرفوض، فليست البطريركية المارونية أو البطريرك من يُشَكّك بكلامهما وطروحاتهما، فالبطريرك وبكركي هما “أم الصبي”. في حين سها عن بال البطريركية المارونية ما يقوله الخبراء في الغرب من أن “أي دعوة للتدويل هي دعوة للإحتلال”، (أي استعمار جديد). فالجيش الإسرائيلي الذي إحتل نصف لبنان وعاصمته عام 1982، هرب عام ألفين من جنوب لبنان، وفشل في التقدم متراً واحداً عام 2006، فبرأي بكركي من هي الجهة “البطلة” التي ستزج جيشها في لبنان لاحتلاله أو استعماره ضمن خريطته الحالية؟

فالصرح البطريركي الماروني الذي لم يدخل في سجال مع أحد، بل كان مقصداً للمراجع الروحية اللبنانية في المفاصل الصعبة، هل قررّ سلوك المستنقعات السياسية؟ في حين يجب ان لا ينسى ان من يصفق له اليوم قد طعنه بالامس بأكثر من خنجر! واذا كان على قناعة أن ذلك يعزز الموقف المسيحي، فبات كل الأفرقاء المسيحيين ضعفاء، ويجب السعي لجمع بوتقتهم!..


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal