ما إن دخلت الى مستشفى طرابلس الحكومي حتى عادت بي الذاكرة سنوات عديدة الى الوراء عندما كانت والدتي تعمل في هذا المستشفى الذي شكل في حقبة من الزمن المركز الطبي الذي يستقطب طالبي الاستشفاء من معظم قرى وبلدات الاقضية الشمالية..
يومها كانت لي صولات وجولات في هذا المستشفى من غرفة الطوارىء الى المطبخ بفرنه الضخم الى غرف المرضى وصولاً الى مكتب الراهبة المسؤولة يومها، والتي كانت في كل مرة تسأل عن احوالي المدرسية، وماذا اتوقع من الحياة مع ارشادات حياتية كنت ما أن اخرج من البوابة الرئيسية حتى اعتقد انني نسيتها ولكنها ها هي اليوم تعود لتتراقص امامي حول ضرورة تعقيم اليدين والابقاء على النظافة.
ايضاً ما إن دخلت الى المستشفى حتى عادت بي الذاكرة الى الصولات والجولات الاعلامية داخله والصورة التي ترسخت عن أن المستشفيات الحكومية مهملة وتحتاج الى مجهود واهتمام اكبر من المعنيين.
بالامس دخلت الى مستشفى طرابلس الحكومي ايضاً، إنما هذه المرة مع قريب مسن أولاده في الخارج وورد اسمه لتلقي لقاح كورونا في المستشفى المذكور حيث لمست ميدانياً مدى المجهود المبذول في هذا المستشفى ليعطي صورة ناصعة عن المستشفيات الحكومية من ناحية التنظيم وحسن الاستقبال والحرص على راحة الوافدين للتلقيح او لاجراء فحص او كورونا او للاستشفاء.
من الباب الرئيسي دخلنا حيث كانت الممرضة مريم تحرص على الاستقبال بوجه بشوش مدققة بالهويات وبحرارة الذين سيتلقون اللقاح مع تطمينات واجوبة سهلة على الاستفسارات، ومن هناك يميناً نحو خمس غرف خصصت لتلقي اللقاح بعد الاستفسار عن الحالة الصحية لكل متلق، ومن بعدها الى صالة صغيرة تعتمد مقاعدها التباعد الإجتماعي يبقى في داخلها متلقو اللقاح لنحو ربع ساعة تطل خلالها بين الحين والاخر طبيبة تستفسر وتشرح وتهتم ما إذا كان احد منهم يشعر باي ضيق او عوارض جانبية.
باختصار كان التنظيم مميز والحرص على اظهار الصورة الايجابية للمستشفى اعطى نتائجه الجيدة لدى كل من زار المستشفى بالأمس ليبقى السؤال لماذا لا نثق بمستشفياتنا الحكومية؟، ولماذا لا تعطى هذه المستشفيات جرعات دعم من الدولة ويتم تأمين متطلبات هذه المستشفيات من لوازم وتجهيزات وكوادر ليتسنى لها القيام بواجباتها في خدمة الاهالي في ظل هذه الظروف الصعبة ولتتمكن من الصمود هي التي شكلت المدماك الاساسي في مواجهة كورونا؟.
مواضيع ذات صلة: