سعى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه أمس، الى تدوير بعض الزوايا السياسية الحادة، حيث لعب دورا “وسطيا” في الملف الحكومي، إنطلاقا من حرصه على تحالفه مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لما يشكلانه من عمق مسيحي لبناني، وعلى تفاهمه مع الرئيس المكلف سعد الحريري لما يشكله من عمق سني لبناني عربي ودولي.
بدا واضحا أن السيد نصرالله متمسك بالثنائي عون والحريري الى أبعد الحدود، وبالتالي فهو يحرص على الفصل بينهما وإبقاء خلافاتهما ضمن السقف المسموح به، إنطلاقا من قناعته بأن الحكومة ستتشكل برئاسة الحريري الذي ما يزال بالنسبة لحزب الله هو رجل المرحلة، وبموافقة الرئيس عون الحليف، لكن المطلوب التفتيش عن القواسم المشتركة وفق الصيغة اللبنانية “لا غالب ولا مغلوب”.
لذلك فقد رسم السيد نصرالله خطوطا حمراء حرصا على إبقاء الأمور ضمن نصابها، وعدم تجاوز الأدبيات السياسية التي من شأنها أن تؤدي الى توترات في الشارع، من أبرزها:
أولا: رفض أي حديث عن إمكانية اللجوء الى الأمم المتحدة لوضع لبنان تحت الفصل السابع، مؤكدا أن في ذلك إعلان حرب، مشددا على ضرورة إقفال هذا الموضوع وقلب صفحته.
ثانيا: رفض التدويل الذي قد يؤدي الى إحتلال أو الى تقديم مصالح إسرائيل التي تهم المجتمع الدولي أكثر من مصالح لبنان، أو الى توترات نتيجة تدخل الدول وتنفيذ أجنداتها وإستقواء طرف لبناني على طرف آخر، وبالتالي الرد بهدوء على البطريرك الماروني بشارة الراعي والنائب أنور الخليل والطلب إليهما الاستعانة بصديق دولي بدلا من التدويل الذي يرفضه حزب الله بالكامل.
ثالثا: الطلب بوضع حد للتصعيد الاعلامي بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل والتأكيد على أن السجالات الحادة والسقوف العالية العلنية لا تفيد، بل من شأنها أن تعقد الموضوع، واللافت أن كلام نصرالله جاء قبل المؤتمر الصحافي للنائب جبران باسيل يوم الأحد المقبل، ما يوحي بدعوته الى عدم التصعيد ضد الرئيس الحريري.
لم يتوان السيد نصرالله عن طرح رؤيته الحكومية والتي فسرها كثير من المراقبين بأنها موقف سياسي، فوجد أن تحميل رئيس الجمهورية المسؤولية الكاملة للتعطيل هو أمر غير منصف، وكذلك الأمر بالنسبة للرئيس المكلف الذي يتفهم السيد نصرالله تمسكه بالحصول على وزارة الداخلية، ويتفهم أيضا رفضه لحصول أي فريق على الثلث المعطل، خصوصا أنه لم يسبق لتيار سياسي أن حصل على هذا الثلث الذي كان ينحصر بفريق أو بتحالف، وفي ذلك رسالة واضحة الى التيار الوطني الحر بأنه يمتلك الثلث المعطل مع حليفه حزب الله داخل الحكومة، وبالتالي فإن الحزب يرفض أن يحصل التيار بمفرده على الثلث المعطل.
وفي الوقت نفسه عبر السيد نصرالله عن إستغرابه لاصرار الرئيس الحريري على صيغة الـ18 وزيرا، لافتا الانتباه الى إمكانية أن تكون الحكومة من 20 أو 22 وزيرا، مؤكدا أن ذلك يفتح باب النقاش مجددا ويعيد الحرارة الى الاتصالات.
طرح السيد نصرالله وجد فيه متابعون مبادرة جديدة تقوم على توسيع الحكومة من دون إعطاء الثلث المعطل لأي تيار سياسي، لكن مصادر أخرى أكدت أنه غير قابل للتطبيق إنطلاقا من تمسك عون وباسيل بالثلث المعطل كجزء من معركتهما الوجودية، وأيضا من إصرار الحريري على 18 وزيرا إلتزاما بالتوجهات العربية والدولية التي تؤكد على حكومة من 18 وزيرا إختصاصيا غير حزبيين ومن دون ثلث معطل لأي تيار سياسي.
مواضيع ذات صلة: