عون والحريري وباسيل يواصلون معركتهم حتى آخر لبناني!… غسان ريفي

لم يعد أمام المعنيين بتأليف الحكومة سوى اللجوء الى الكلام المقدس في الانجيل والقرآن للتراشق به في تجاذباتهم السياسية وإتهاماتهم لبعضهم البعض بالتعطيل والكذب والدجل والهذيان وسوء النية والافتراء، حيث إختار كل منهم الآيات التي تدين الطرف الأخر وتبشره بجهنم، في حين أن الكتابين المقدسين منهم براء، وأن ما فيهما من آيات هي أسمى وأكبر من خلافاتهم ومصالحهم وطموحاتهم.

بالأمس فُتحت الأبواب على المجهول بكل ما يحمله من أهوال، فكلام رئيس الجمهورية في الفيديو المسرب عن الرئيس المكلف قطع كل خطوط التواصل الحكومي، والسجال الحاد السياسي والديني بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل رفع من منسوب الشحن الطائفي في البلاد، وكورونا الذي يفتك باللبنانيين بدأ يحصد الأرواح يوميا بحصيلة أكبر ليسجل أرقاما قياسية ويفقد الطاقم الطبي والمستشفيات القدرة على المواجهة، والاقفال العام لدرء شر الفيروس وتمدده يأتي في ظل أزمات معيشية وإجتماعية خانقة وغير مسبوقة ويحول الفقراء الى قنبلة موقوتة نتيجة قصور الدولة في تأمين مقومات صمودهم بمساعدات عاجلة، ما يجعل الحجر مستحيلا مع الفقر، فيما الدولار يسجل أعلى الأرقام على وقع الفشل السياسي في الانقاذ ويبلغ عتبة التسعة آلاف ليرة.

كل هذه الأزمات وغيرها من الفقر والجوع والبطالة وفقدان السلع الغذائية والأدوية وشح المحروقات، لم تحرك ساكنا لدى المعنيين بالتأليف الذين يبدو أنهم سيواصلون معاركهم على المكاسب الشخصية حتى آخر لبناني.

يبدو واضحا أن رئيس الجمهورية وفريقه يصرون على إفتعال المشاكل مع الرئيس المكلف، تمهيدا لتطفيشه وإرغامه على الاعتذار، إنطلاقا من ثابتة برتقالية تقول: “لا نريد سعد الحريري رئيسا للحكومة” ترجمها جبران باسيل في مؤتمره الصحافي بالاعلان عن عدم إئتمان الحريري، وإستكملها رئيس الجمهورية عبر الفيديو المسرب عن سابق تصور وتصميم باتهامه بالكذب.

وقد جاء بيان تكتل لبنان القوي الذي عقد إفتراضيا برئاسة باسيل والذي دعا الحريري الى “إستئناف عمله في أسرع وقت لتشكيل الحكومة بعيدا عن أية تأثيرات”، ليؤكد أن التيار الوطني الحر يمارس النكد السياسي، ويتسلى في اللعب بمصير الحكومة والوطن معا، في حين أن رد تيار المستقبل بلسان النائب محمد الحجار بلاءات ثلاث هي: “لا ثلث معطل، لا إستسلام للتعطيل، ولا إعتذار”، لم يؤخذ على محمل الجد، خصوصا أن الحريري سبق وأعلن لاءات كثيرة مماثلة تجاه حزب الله، إذا لم يسلم سلاحه للدولة والمتهمين بقتل والده للمحكمة الدولية ثم كسرها كلها بتنازلات تحت شعار “أم الصبي” و”حماية الاستقرار”.

لا شك في أن الحكومة لا يمكن أن تبصر النور إلا بتوقيع رئيس الجمهورية الذي قال بأن “لا تأليف”، ومهما قدم الحريري من تشكيلات تبقى “حبرا على ورق” إذا لم تذيل بتوقيع رئيس الجمهورية، وبالتالي وكما بات واضحا، لا حكومة إلا بشروط ميشال عون الذي يتبنى مطالب جبران باسيل لجهة الثلث المعطل والوزارات الأمنية والعدلية، فإما أن يرضخ الحريري لهذه الشروط أو أن يتعرض لعملية تطفيش وإحراج من قبل التيار البرتقالي لدفعه نحو الاعتذار الذي ما يزال يتمسك به ويخسر من رصيده السياسي، فيما عون يراكم من فشل عهده، أما باسيل فينتظر الخراب ليجلس على تله.

تقول مصادر سياسية مواكبة: يبدو أننا نتجه نحو إرتطام كبير بات وشيكا جدا، وأن أحدا لن يستطيع إنقاذنا منه بفعل التصلب في المواقف و”لعب الأولاد” في إدارة شؤون بلاد تتجه نحو الانهيار والجوع، ما أصاب الفرنسيين بالقرف، وأكد لسائر الدول أنها كانت محقة في نفض يدها من لبنان.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal