الحريري على أعتاب حكومته الرّابعة.. ما هي ″التحولات″؟!… عبد الكافي الصمد

قبل سنة إلا أسبوعاً من اليوم، وتحديداً في 29 تشرين الأول من العام الماضي، قدّم الرئيس سعد الحريري إستقالة حكومته تحت ضغط الشارع، الذي أطلق حراكاً شعبياً ضاغطاً، في 17 من الشهر نفسه، لكنه عاد أمس رئيساً مكلّفاً بتأليف الحكومة، التي تُطرح تساؤلات كثيرة حول تشكيلتها ومكوّناتها وبرنامجها.

لكن عودة الحريري لتأليف حكومته الرابعة لن تكون أبداً بهذه السهولة، نظراً للعقد والعراقيل والمطالب والضغوطات الكثيرة التي ستعترضه، وهي بدأت عملياً قبل أن يتم تكليفه، ويدلّ الرقم “الهزيل” الذي حصل عليه في الإستشارات النيابية الملزمة يوم أمس، ونال بموجبها 65 صوتاً مقابل امتناع 53 عن تسميته، على أنّ مسار الحريري السياسي يشهد تنازلاً لافتاً منذ تسميته رئيساً مكلّفاً للمرة الأولى في حياته السّياسية في عام 2009.

في ذلك العام كُلّف الحريري مرتين بتأليف الحكومة، في المرّة الأولى نال 86 صوتاً، لكنّه اعتذر بعد فترة عن تأليف الحكومة بسبب عراقيل إعترضته، ليُعاد تكليفه مجدّداً، وينجح في تأليف الحكومة، لكنّه نال في المرّة الثانية 73 صوتاً فقط. وفي عام 2016، وبعد التسوية الرئاسية التي أبرمها وأدّت إلى وصول العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، شكّل الحريري حكومته الثانية بعد إستشارات نيابية نال فيها 112 صوتاً، وهو الأعلى له؛ وبعد الإنتخابات النيابية عام 2018 شكّل الحريري حكومته الثالثة في أعقاب إستشارات نيابية نال بموجبها 111 صوتاً.

أمس، وبعد التكليف الخامس له، يسعى الحريري لتأليف حكومته الرابعة، لكنّها مهمّة تبدو محفوفة بالمخاطر، وأبرزها يتمثل في النقاط التالية:

أولاً: يعود الحريري اليوم إلى تكليفه تأليف الحكومة بعدما تخلّى عنه حليفيه المسيحيين الأبرز: القوات اللبنانية التي رافقته منذ 2005 حتى العام الماضي، عندما أبلغته حينها أنها لن تسميه رئيساً مكلفاً لتأليف الحكومة، فكان افتراقهما، ثم إعلان الحريري تنحيه مفسحاً المجال أمام دخول حسّان دياب إلى نادي رؤساء الحكومات. كما خسر الحريري أيضاً أصوات التيار الوطني الحر، ذلك أن التسوية الرئاسية بينهما لم تعمّر طويلاً، فحجب البرتقاليون أصواتهم عنه، ما فتح الباب أمام “نقص” في الغطاء المسيحي للحريري، سيكون تأليف الحكومة عاملاً في معالجته أو استفحاله.

ثانياً: يُدرك الحريري قبل غيره أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون لن يمنحه شيكاً على بياض بمسألة تأليف الحكومة، ولن يقبل “كسر” صهره الوزير جبران باسيل، وأنّه لن يمنح الحريري فرصة تأليف الحكومة ويضع ختمه على مرسوم تشكيلها إلا بعد أن ينال باسيل مبتغاه، وذلك إنطلاقا من عاملين رئيسين: الأول أنّ الحكومة المرتقبة هي على الأرجح آخر حكومة في عهد عون وهو لن يقبل أن يكون تمثيله فيها ضعيفاً؛ أما العامل الثاني فهو أنّ الحكومة المرتقبة قد يطول عمرها في حال حصول فراغ رئاسي إذا تعذّر إجراء إنتخابات رئاسية عام 2022، وكذلك إذا جرى تمديد ولاية المجلس النيابي. وهذا الموقف من عون أكده في كلمته أول من أمس من أنه “شريك في التكليف والتأليف”، وأنّه “قلت كلمتي ولن أمشي”.

ثالثاً: يدرك الحريري أنّ تشكيله حكومة من إختصاصيين فقط لن تبصر النّور، وأن عليه البحث عن مخرج آخر، فمن كان شريكاً في الحكم في أغلب الحكومات منذ عام 2005 لن يُعطى هذا المطلب من قبل القوى السّياسية، برغم كلامه السابق بأنّه يريد تأليف حكومة إختصاصيين لمدّة 6 أشهر لإيقاف الإنهيار الإقتصادي، الذي كان أسهم فيه بشكل أساسي، ويبدو أنّ معالم هذا المخرج ليست متوافرة لديه حتى الآن.

رابعاً: حصل الحريري أمس، للمرّة الأولى، على أصوات نوّاب من صلب فريق 8 آذار، وحلفاء للمقاومة وسوريا، وبالتالي فإنّ هؤلاء أصبحوا أصحاب فضل عليه من خلال تسميتهم له، وهي تسمية يعرف الحريري جيداً أنّه يترتّب عليها أثمان سياسية، وأداء سياسي مختلف داخلياً وخارجياً، خصوصاً أنه أجرى إتصالات مكثفة مع هؤلاء النواب طمعاً في تسميتهم له.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal