″التعبئة العامة″.. مصطلح بات يعيش في اذهان اللبنانيين بعدما طرح على مسامعهم منذ نهاية شباط الماضي، عند بداية تسجيل اولى الاصابات بفيروس كورونا في لبنان.
هذه التعبئة التي اعتاد اللبنانيون على التعايش معها ولم يعتادوها، باتت تتحكم في مفاصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية للناس. فمنذ اعلانها للمرة الاولى، باتت كل المناسبات واللقاءات مقيدة بشروط التباعد الاجتماعي من اجل تجنب الاصابة بفيروس كورونا.
الا ان كل الاجراءات التي اتخذتها الحكومة من اقفال تام للبلاد الى العودة التدريجية للحياة الطبيعية واستئناف حركة المطار لم تمنع الفيروس التاجي من التفشي في صفوف المواطنين مسجلا في اليوم الواحد ما يقارب الخمسمئة حالة، بالاضافة الى التضاعف السريع في اعداد الوفيات جراء الفيروس.
وكأنه لم يكن ينقص اللبنانيون ما عانوه من ازمة اقتصادية خانقة منذ 17 تشرين الاول 2019، مروراً بالاغلاق الذي فرضه فيروس كورونا، وصولاً الى انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب الجاري، حتى اعاد المجلس الاعلى للدفاع في جلسته التي انعقدت امس في القصر الجمهوري تمديد التعبئة العامة حتى نهاية العام الجاري. وجاء في بيان المجلس:
“إعادة تمديد حالة التعبئة العامة التي أُعلن تمديدها بالمرسوم رقم 6684/2020 اعتباراً من تاريخ 31/8/2020 ولغاية 31/12/2020 ضمناً، والتأكيد على تفعيل وتنفيذ التدابير والإجراءات التي فرضتها المراسيم ذات الصلة والقرارات الصادرة عن معالي وزير الداخلية والبلديات، وذلك خلال فترة تمديد التعبئة العامة المذكورة، والطلب من اللجنة التقنية المكلفة متابعة الرقابة من الكورونا استكمال التواصل مع الجهات المعنية لجهة وضعها موضع التنفيذ والالتزام بالإجراءات والتدابير التي تساهم في التخفيف من انتشار الوباء، على ان يصدر عن وزير الداخلية القرار اللازم عن إمكانية التعديل”.
فعن اي تعبئة نتكلم والمواطن يكاد لا يجد قوته اليومي؟ والراتب الذي يتقاضاه بات بلا قيمة مع استمرار تدهور سعر صرف الليرة امام الدولار.
واي تعبئة هي تلك المبنية على استثناءات استنسابية؟ فلماذا مثلاً يحق لبعض المطاعم (التي يملكها اناس مدعومين من السلطة الحاكمة) بفتح ابوابها واستقبال الناس فيما يمنع ذلك على المطاعم الاخرى داخل المنطقة الواحدة؟
ولماذا يحق لبعض اصحاب المنتجعات السياحية فتح المسابح وبيع النراجيل (منتجع نانايا التابع لمتحف نابو في شكا – الهري) لمجرد ان مالكته هي نائب رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع زينة عكر وتُمنع باقي المنتجعات في المحلة نفسها من استقبال الزبائن؟
وعن اي تعبئة نتكلم فيما المتضررون من انفجار مرفأ بيروت لا يزالون غير قادرين على ترميم منازلهم قبل حلول الشتاء بسبب الغلاء الفاحش وفساد المنظومة المصرفية؟
اوليس الاهتمام بهؤلاء اولوية؟
ثم ماذا؟ ستسطرون محاضر ضبط بحق المخالفين؟ اوليس من الاجدى تسطير هذه المحاضر بحق من يخالفون الدستور عبر عدم الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة من اجل تشكيل الحكومة؟
ثم لماذا تمديد التعبئة 4 اشهر؟ الى ماذا ترمون من ذلك؟ الاولى كان الاستمرار بتمديدها كل اسبوعين بحسب تطورات انتشار الفيروس. ولكان هذا الخيار ايضاً اعطاكم الفرصة للاكثار من الاجتماعات التي لا تجيدون شيئاً سواها.
ليس بالاستنسابية تكون التعبئة يا سادة ولا بالاستثناءات وفق الاهواء السياسية.
الافضل كان لو انكم اعلنتم اقفال البلد بقطاعيه العام والخاص مع المطار لمدة اسبوعين لكان المواطنون على الاقل صدقوا حرصكم على سلامتهم وبادلوكم هذا الحرص التزاماً بالحجر المنزلي.
والى ان تعوا فظاعة قراركم هذا.. كل تعبئة ونحن بخير.
مواضيع ذات صلة:
-
الشعب السايب بيعلم الحكام ع الحرام!… ديانا غسطين
-
حسن مقلد لـ″سفير الشمال″: الارباك إستثنائي.. ومقارنة بالأرقام وضعنا ليس مستحيلاً!… ديانا غسطين
-
منتدى ″ريشة عطر″ يكرم الزميلة حسناء جعيتاني سعادة… ديانا غسطين