ماذا يريد التيار الوطني الحر من طرابلس؟… غسان ريفي

في السادس من تموز من العام 2019، تحولت طرابلس الى مدينة عسكرية، فأقفل الجيش اللبناني مداخلها وضرب طوقا أمنيا حول معرض رشيد كرامي الدولي، بهدف تأمين زيارة رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية آنذاك جبران باسيل إليها، بعد أيام قليلة من فتنة قبرشمون التي تسببت بها زيارته الاستفزازية الى الجبل، وكادت أن تطيح السلم الأهلي في لبنان.

يومها رفض أبناء طرابلس زيارة باسيل الى مدينتهم، وطالبوه بتأجيلها الى أن يبرد الدم الذي سقط في قبرشمون وأدى الى مقتل عنصرين من الحزب الديمقراطي اللبناني، خصوصا أن زيارة باسيل كانت تتزامن مع تشييع أحد القتلى، إلا أن باسيل أصرّ على إتمام الزيارة بـ”عنترياته”، تحت شعار أنه “لا توجد مدينة لبنانية مقفلة في وجه أحد”، وحل ضيفا ثقيلا وغير مرغوب فيه على طرابلس التي أقفلت أبوابها الشرعية في وجهه، فدخلها في ذاك اليوم خلسة بحماية أمنية وإجتمع مع من يهمهم الأمر من البرتقاليين الذين ضاعوا بين جنبات القاعة الكبرى للمعرض ثم عاد أدراجه تاركا وراءه نقمة طرابلسية عليه ليست وليدة الزيارة، وإنما هي نتيجة سلوكه وسلوك تياره تجاه طرابلس التي لم تجد من “البرتقاليين” سوى الاستهداف والافتراء بدءا من تعطيل مشاريعها (شركة نور الفيحاء نموذجا)، مرورا بالاساءة الى قياداتها، وصولا الى إتهام أهلها في كل مناسبة أو إستحقاق تارة بالتطرف، وتارة أخرى بالارهاب.

منذ ذلك الوقت وطرابلس في قطيعة شبه كاملة مع التيار الوطني الحر الذي إستمر في إشغال مكتب له في المدينة إنطلاقا من إيمان الطرابلسيين بالتنوع السياسي وحرية التعبير والانتماء، لكن الغضب الذي إنطلق مع ثورة 17 تشرين الأول على التيار البرتقالي، دفع كثير منهم في طرابلس الى إزالة اللافتة العائدة الى المكتب الكائن في محلة الجميزات، كما لم يسلم مكتب التيار في الميناء من الاستهداف، ما يدل على الهوة السحيقة القائمة بين طرابلس وبين التيار الذي لا ينسى الطرابلسيون كيف يتعاطى نوابه وكوادره مع عاصمة لبنان الثانية في كل إستحقاق.

يبدو واضحا أن جبران باسيل الساعي الى تلميع صورته تحضيرا للاستحقاقات المقبلة، أراد كسر الجليد المتراكم بينه بين أبناء طرابلس، فأوفد نائبه الوزير السابق طارق الخطيب على رأس وفد من التيار الى الفيحاء في زيارتين متتاليتين، الأولى خصصت لتقديم التهاني لقائمقام المفتي الشيخ محمد إمام، وللاطلاع على مشاريع غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس، والقيام ببعض الزيارات الخاصة، أما الزيارة الثانية فشملت رجال دين مسيحيين وقادة أمنيين، ورئيس بلدية طرابلس.

اللافت في هذه اللقاءات هي الايجابية المفرطة التي تعاطى بها الخطيب والوفد المرافق مع قضايا المدينة، حيث أبدى إستعداد التيار البرتقالي الكامل لمد يد العون الى المدينة وأهلها والمساعدة في حل المشكلات التي تعاني منها، الأمر الذي ترك سلسلة تساؤلات لجهة: ما هي الأسباب التي دفعت التيار الوطني الحر الى هذه الاستفاقة تجاه طرابلس؟، وماذا تغير اليوم للتعاطي مع الطرابلسيين بكل هذه الايجابية؟، وأين كان التيار طيلة السنوات الماضية من حرمان المدينة وإهمالها؟، وهل من مخطط يرسمه باسيل تجاه طرابلس لتوجيه رسائل الى تيارات سياسية أخرى؟، أم أنه باشر بترميم التصدعات التي أحدثها سلوكه مع مدن ومناطق وتيارات وأحزاب وقيادات مختلفة؟.

الثابت بحسب كثير من المطلعين أن الأمور العالقة بين طرابلس والتيار الوطني الحر وخصوصا جبران باسيل، لا يمكن حلها بـ”تبويس لحى”، بل هي تحتاج الى تغيير سلوك وأسلوب ونهج دأب التيار الوطني الحر على التعامل السلبي من خلالهم مع الطرابلسيين الذين يختلفون سياسيا ووطنيا مع التيار الذي يقارب أكثرية القضايا من زوايا عنصرية وطائفية وهو أمر ترفضه طرابلس التي لها توجهات وطنية واضحة، وتحالفات سياسية صريحة، إضافة الى “أبواب شرعية” معروفة على التيار الوطني الحر الدخول منها بداية، ومن ثم البحث في الأمور الخلافية القائمة، وبعد ذلك لكل حادث حديث!..


مواضيع ذات صلة:

  1. الدول الداعمة للبنان.. ″قلبي على ولدي وقلب ولدي على الحجر″!!… غسان ريفي

  2. فيلم ″أكشن″.. من بطولة حسان دياب!… غسان ريفي

  3. رئاسة الحكومة في مهب التنازلات.. وميقاتي يقرع جرس الانذار!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal