الحكومة تواجه إرتفاع الأسعار بقرارات هزيلة… عبد الكافي الصمد

مواقف كثيرة وإجراءات قليلة إتخذتها الحكومة في جلستها التي عقدتها أمس في السراي الحكومي الكبير، برئاسة رئيس مجلس الوزراء حسان دياب، وكانت جلسة مخصصة لمتابعة الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار، حيث كانت النتائج المتواضعة التي خرجت بها متوقعة، نظراً لتشعب الأزمة وتعقيداتها الكثيرة، وضعف القدرات الحكومية في معالجتها.

المواقف التي صدرت عن الحكومة ورئيسها بعد الجلسة كانت عديدة، لكنها كانت إنشائية وعاطفية، وبدت أشبه بكلام المواطنين المتذمرين من ارتفاع أسعار السلع وتردّي وضعهم المعيشي، وليس كلام حكومة يفترض أنّها مسؤولة عن شؤون والبلاد والمواطنين، ومعنية بإيجاد الحلول لمشاكلهم، وليس توصيف المشاكل والشكوى منها مثلهم.

خلال جلسة الحكومة لفت رئيسها إلى أن “التحدّي كبير وخطير”، معتبراً أنّ “ارتفاع الأسعار بات غير معقول، وخصوصاً أسعار المواد الغذائية”، ومستغرباً “إرتفاع أسعار المنتجات اللبنانية والخضار”، مشيراً إلى “أننا أمام مواجهة حقيقية مع موجة الغلاء، ولا يجوز أن نبقى مكتوفي الأيدي كأننا غير معنيين. ومن غير المقبول ألا نتصرف بسرعة، لأن الأمور ستخرج عن السيطرة أكثر، وأصبح التسعير مزاجياً وغير مدروس، ولا علاقة للأسعار بارتفاع سعر صرف الدولار”.

دياب الذي دعا الحكومة إلى “وضع خطة سريعة لضبط فلتان الأسعار”، شدد على أن “الدولة مسؤولة عن حماية الأمن الغذائي للبنانيين، ومن الضروري وضع حدّ لهذا الفلتان”، مؤكداً أن “الأمن الغذائي قضية وطنية، ويجب الحزم في قمع أي محاولة للعبث بلقمة عيش اللبنانيين”.

لكن ما هي الإجراءات والتدابير التي تمخضت عنها جلسة الحكومة يوم أمس لمكافحة الغلاء الفاحش في الأسعار؟  

من يتمعّن في قرارات الحكومة في هذا الشأن يتضح له أنّها هزيلة، وأنّها لن تستطيع إيقاف الصعود الصاروخي لأسعار السلع الأساسية، خصوصاً الغذائية منها، لأنّ حكومة لا تمتلك قدرات كافية على مواجهة مشكلة ما، لن تستطيع بالتأكيد حلّها.

قرارات الحكومة إقتصرت في هذا المجال على قرارين فقط: الأول هو ما أبلغه وزير الإقتصاد والتجارة راوول نعمة مجلس الوزراء قرار وزارته بوضع حدّ أقصى لهامش الربح للسلع الأساسية، من خلال تعديل الهوامش المحدّدة في قرار متخذ منذ السبعينيات، وكذلك التحقق من تطبيق المعايير نفسها لدى المتاجر، ومراقبة السعر والمطابقة مع الفاتورة؛ أمّا القرار الثاني فهو اتخاذ الحكومة 17 إجراء في سياق ضبط فلتان الأسعار، لم تكشف عنها. كما تقرر أن تواكب قوى الأمن الداخلي المراقبين الإقتصاديين لضبط فلتان الأسعار، إضافة إلى تعزيز المراقبين بمندوبين من البلديات.

هذان القراران شكّلا دافعاً لطرح أسئلة عديدة، من أبرزها:

أولاً: كيف ستخفّض الحكومة الأسعار إذا كان عدد المراقبين في وزارة الإقتصاد والتجارة قليل، والوزير المعني دائم الشكوى من هذه النقطة. وهل تستطيع القوى الأمنية والبلديات التي طلب منها مواكبة عمليات المراقبة القيام بذلك، وهي ليست مؤهلة للقيام بهذه المهمة؟

ثانياً: كيف ستعالج الحكومة إرتفاع الأسعار والدولار تجاوز 4 آلاف ليرة، وليس هناك إلتزام من قبل أي جهة بالتسعيرة الرسمية له؟ علماً أنّ إلزام الجميع بالتسعيرة الرسمية كافٍ لإنهاء الأزمة بلا أي إجراءات أخرى.

ثالثاً: كيف ستضبط الحكومة أسعار السلع في الأسواق لدى آلاف المؤسسات والتجار، وهي لم تستطع ضبط سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية لدى عشرات الصيارفة؟

جلسة الحكومة أمس كان مطلوباً منها بكل بساطة، لمعالجة أزمة الإرتفاع الفاحش للأسعار، الإجابة عن هذه الأسئلة تحديداً، لكنها تجاهلتها كليّاً، ما يثبت أنّها إما لا تريد أو لا تملك القدرة على ذلك.


مواضيع ذات صلة:

  1. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  2. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد

  3. الحكومة تستدرك خطأها: الجيش بدل الإغاثة والمساعدات نقدية… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal