لم يعد بمقدور اللبنانيين بمختلف طبقاتهم وفئاتهم الاجتماعية سوى العمل على إحصاء الخسائر التي يتعرضون لها بشكل يومي، وإنتظار الأسوأ الذي بات حتميا في ظل طبقة سياسية غارقة بالفساد حتى أذنيها ومسؤولة عن الانهيار الحاصل ورغم ذلك “تحاضر بالعفة”، وحكومة لا حول لها ولا قوة يضيّع رئيسها وقته في إجتماعات لا طائل منها بدل أن يسارع الى إتخاذ تدابير صارمة تبدأ بالانقاذ، وثورة تحولت الى فورات إسبوعية بدأت تفقد تأثيرها الذي إنطلق بقوة في 17 تشرين الأول الماضي.
الدولار وصل الى 2400 ليرة في الأسواق التي تزداد سوادا، وحبل إرتفاع سعره على الجرار من دون حسيب أو رقيب، في حين أن قيام المدعي العام المالي بالادعاء على عدد من الصرافين لم يبدل من الأمر شيئا، ولم يؤد الى إنخفاض السعر أو وقف التلاعب أو المضاربات التي تحتاج الى قرارات حاسمة تعتبر أن المتلاعب بالدولار وبقوت الناس كالمتعامل مع العدو.
الأسعار لم يعد لها سقف.. وبحجة إرتفاع سعر الدولار يتنافس التجار فيما بينهم على زيادتها حيث باتت فوارقها بين محل وآخر مخيفة، كما أن بعض السلع والمواد الغذائية إرتفع سعرها الى ما يقارب الـ 80 بالمئة، في حين ما تزال الحكومة قاصرة عن المعالجات الحاسمة من خلال إطلاق يد وزارة الاقتصاد ولجان حماية المستهلك فيها للضرب بيد من حديد ضد كل من تسول له نفسه العبث بلقمة عيش المواطنين، بما في ذلك تسطير محاضر الضبط لوضع حد للمهزلة التي تسيطر على مختلف المحلات التجارية التي لم تعد تلتزم بتسعيرة أو بأرباح معقولة.
المصارف كما بات معروفا تمعن في إذلال المودعين الذين يقفون يوميا بالطوابير أمام أبوابها طلبا لحفنة من جنى العمر، في حين أن الفارق بين سعر صرف الدولار الرسمي (1515) وبين سعر الصرف لدى الصيارفة (2400) من شأنه أن يعرض المودعين لسرقة موصوفة لمدخراتهم التي تفقد قيمتها تجاه الدولار بداية، ومن ثم قيمتها الشرائية.
يمكن القول إننا أمام إنهيار حقيقي ربما ينحصر اليوم في المال والاقتصاد، لكن من المتوقع أن ينسحب قريبا في حال إستمر الأمر على ما هو عليه أو تصاعد، على الأمن والاستقرار، لا سيما في ظل الفوضى العارمة التي تجتاح لبنان من أقصاه الى أقصاه ومع تنامي فقدان الثقة بالدولة، بينما يجد المواطنون الذين يتطلعون الى حلول للانقاذ أنفسهم بين سندان طبقة سياسية مسؤولة عن هذا الانهيار بكل مندرجاته، وبدل أن تتنحى وتضع نفسها تحت المحاسبة على ما إقترفته أيديها بحق البلاد والعباد، ما تزال تسعى الى السلطة، وتذرف دموع التماسيح، ولا تستحي من المطالبة بمكافحة الفساد وبوقف الهدر والسرقات والسمسرات وكأن ما كان يحصل في عهدها كان بفعل أشخاص من كوكب آخر.
وبين مطرقة الحكومة الجديدة المنشغلة بالتنظير وبالدراسات، في وقت يحتاج فيه اللبنانيون الى قرارات حاسمة وسريعة أقله على مستوى تفاصيل الحياة اليومية وملاحقة كل العابثين بقوت الشعب اللبناني من الدولار الى غلاء الأسعار.
مواضيع ذات صلة:
-
الحريري الجديد.. صديق حزب الله؟!… غسان ريفي
-
حراك سياسي يسطو على شعارات الحراك الشعبي!… غسان ريفي
-
الحريري يدافع ويتهم ويصالح ويساير ويهاجم.. هل أقنع اللبنانيين؟… غسان ريفي