بعد أيّام على تكليفه تأليف الحكومة في 19 كانون الأول عام 2019، أعلن الرئيس حسّان دياب في حديث أدلى به إلى قناة ″العربية″ أنه سيقوم بجولة على الدول العربية، وخصوصاً الدول الخليجية، بعد تأليفه الحكومة، طلباً لمساعدتها في إخراج لبنان من أزمته الإقتصادية الخانقة.
لكن بعد مرور قرابة شهر على تأليف دياب حكومته في 22 كانون الثاني الماضي، لم يتلق سوى دعوتين رسميتين، الأولى جاءته من قطر قبل أيام ونقلها إليه السفير القطري في لبنان محمد حسن الجابر، والثانية أتته من إيران، أول من أمس، نقلها إليه رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، بينما تتعامل معه، حتى الآن، بقية الدول العربية والخليجية والأجنبية بتجاهلٍ تام.
يدرك دياب أنه لا يمكنه، في ظل الظروف التي واكبت تأليف حكومته، زيارة هذين البلدين، أقله في الوقت الحالي، أو أن يستهل أولى جولاته خارج لبنان بزيارة إحداهما. فزيارته إلى قطر قبل زيارته السعودية تعتبر ″مقتلاً″ سياسياً له، بسبب الحساسية المرتفعة جداً هذه الأيام التي تحكم العلاقة بين الرياض والدوحة، والتي ستجعل زيارة دياب للأخيرة دافعاً للسعودية للتضييق عليه سياسياً وإقتصادياً، وسدّ أبواب المملكة أمامه بشكل كامل، فضلاً عن أن حلفاء السعودية في الخليج وبقية الدول العربية لن تنظر إلى دياب بعين الرضى، وستقاطعه إذا ما أقدم على هكذا خطوة ستعتبر بنظرهم ″إستفزازاً″.
أما زيارة إيران فإنها لا تقل عبئاً على دياب من زيارته إلى قطر، وستكون تداعياتها السلبية أكبر على حكومته والبلد ككل، لأن زيارته في الظروف الحالية إلى طهران، في ظلّ العقوبات الأميركية والدولية عليها، والحظر المفروض عليها، وحساسية زيارته لها لدى السعودية وعدد آخر من الدول العربية التي على “خصومة” مع إيران، ستعتبر تحدّياً لهذه الدول مجتمعة، ما سيجعل دياب يؤجّل زيارته إلى طهران، كما إلى الدوحة، إلى حين توافر ظروف أفضل.
لكن ماذا سيفعل دياب إذا لم يتلق دعوات رسمية لزيارة دول مؤثرة في الساحة اللبنانية، وعلى رأسها السعودية، إضافة إلى تجاهل دول أخرى فاعلة في لبنان مثل فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، وكيف سيمكنه معالجة الأزمات الإقتصادية والمالية الصعبة التي يعاني منها لبنان هذه الأيام، ومن أين سيحصل على دعم يبدو لبنان بأمسّ الحاجة إليه أكثر من أي وقت مضى؟
يُضاف إلى ذلك ماذا عن زيارة دياب إلى سوريا، وإذا كان الرئيس سعد الحريري من قبله قد رفض زيارة دمشق للبحث مع حكومتها شؤوناً مهمّة تعني البلدين، على رأسها أزمة النازحين السوريين في لبنان، لأسباب شخصية ـ سياسية، فماذا سيفعل دياب، وهو المتهم بأن حكومته يطغى عليها لون سياسي واحد حليف لسوريا؟، وهل سيمارس سياسة التردّد التي جعلت لبنان “الرسمي” يخسر الكثير من الوقت والفرص لفتح قنوات التواصل مع الحكومة السورية، ليس لبحث قضية اللاجئين فقط، بل لأن إعادة العلاقة إلى طبيعتها مع سوريا يشكل فرصة حقيقية للتخفيف من أعباء الأزمة الإقتصادية على اللبنانيين، كون سوريا هي المتنفس الوحيد لهم؟.
غير أن زيارة دياب إلى أي دولة خارجية، خليجية أم عربية أم أجنبية، يفترض أن يسبقها إجراءات وتدابير إقتصادية على حكومته أن تتخذها، لكسب ثقتها ولو بالحدّ الأدنى، وكي لا يذهب إليها خالي اليدين من أي خطة باشر بتنفيذها ويؤكد أنه مستمر فيها، ثم تكون النتيجة أن يعود منها بوفاضٍ خال.
مواضيع ذات صلة:
-
خلاف المستقبل ـ القوات: حكومة دياب المستفيد الأوّل… عبد الكافي الصمد
-
الباب السّوري مخرجٌ لأزمات لبنان الإقتصادية.. هل تطرقه حكومة دياب؟… عبد الكافي الصمد
-
مشاركة المستقبل في جلسة الموازنة ″سرّ″ غياب المحتجّين؟… عبد الكافي الصمد