مدفع رمضان.. أجمل ما يسمعه الصائمون عند الافطار… بشرى تاج الدين

يشكل مدفع رمضان تقليدا إسلاميا ما تزال كثيرا من الدول والمدن تحافظ عليه لا سيما في مصر ولبنان وفلسطين وسوريا والاردن وغيرها من الدول، وهو إن تطور وبات أمر إطلاقه بيد الجيوش العائدة لتلك البلاد، إلا أنه ما يزال يعتبر أحد أهم الموروثات التي يتميز بها شهر الصوم، حيث يستمتع الصائمون بالدوي الذي يحدثه عند آذان المغرب إيذانا بالافطار، ويتسابقون مع إطلاقه فجرا لانهاء السحور قبل موعد الامساك.

في لبنان ما تزال طرابلس تتمسك بهذا التقليد، وهي تحرص على إطلاق مدفع رمضان منذ مئات السنين والى يومنا هذا للاعلان عن بداية الشهر الفضيل ومواعيد الافطار والامساك وإثبات عيد الفطر السعيد، وهو تقليد من تقاليد رمضانية عدة تحافظ عليها الفيحاء دون مدن إسلامية أخرى.

يشير التاريخ إلى أن المسلمين في شهر رمضان، كانوا أيام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يأكلون ويشربون من الغروب حتى وقت النوم، وعندما بدأ استخدام الأذان اشتهر الصحابيان بلال بن رباح، وإبن أم مكتوم بآدائه، وكان المسلمون يتوقفون عن الطعام والشراب قبل آذان الفجر بقليل وهو موعد الامساك.

حاول المسلمون على مدى التاريخ، ومع زيادة الرقعة المكانية والسكانية وانتشار الإسلام، أن يبتكروا الوسائل المختلفة إلى جانب الآذان للإشارة إلى موعد الإفطار، إلى أن ظهر مدفع الإفطار إلى الوجود.

كانت القاهرة عاصمة مصر أول مدينة ينطلق فيها مدفع رمضان، فعند غروب أول يوم من رمضان عام 865 هجرية  أراد السلطان المملوكي خشقدم أن يجرب مدفعًا جديدًا وصل إليه. وقد صادف إطلاق المدفع وقت المغرب بالضبط، فظن الناس أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم تشكر السلطان على هذه البدعة الحسنة التي استحدثها.

وعندما رأى السلطان سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذانًا بالإفطار ثم أضاف بعد ذلك مدفعي السحور والإمساك.  

وهناك رواية تفيد بأن ظهور المدفع جاء عن طريق الصدفة، فلم تكن هناك نية مبيتة لاستخدامه لهذا الغرض على الإطلاق، حيث كان بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل يقومون بتنظيف أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة، وتزامن ذلك مع وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان، فظن الناس أن الحكومة إتبعت تقليدًا جديدًا للإعلان عن موعد الإفطار، وصاروا يتحدثون بذلك، وقد علمت الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل بما حدث، فأعجبتها الفكرة، وأصدرت فرمانا باستخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك وفي الأعياد الرسمية.

في عهد المماليك، إنتشر مدفع رمضان في كل الولايات التابعة للسلطنة، ومنها طرابلس حيث تم نصب المدفع على إحدى النوافذ الحجرية في القلعة المطلة على المدينة. وكان ضارب المدفع يتلقَّى إشارة إطلاقه من إضاءة القناديل حول مئذنة الجامع المنصوري الكبير، وقد استمر هذا التقليد قروناً من الزمن مروراً بالعهد العثماني، وصولاً إلى اليوم، إذ تحوَّل المدفع المملوكي إلى رمز تاريخي لا تزال طرابلس تحافظ عليه ويشكل عامل جذب لكثير من السواح الذين يزورون القلعة الأثرية.

اليوم تتسلَّم قيادة الجيش اللبناني مهمة إطلاق مدفع رمضان في طرابلس بالتنسيق مع دار الفتوى وذلك عند إثبات دخول الشهر الكريم، وإثبات عيد الفطر، وعند أوقات الإفطار والسحور والإمساك.

وكان الجيش يطلق المدفع من قلعة طرابلس، ثم قام بنقله بناءً على رغبة الأهالي بسبب الاهتزازات التي يحدثها والصوت القوي، إلى معرض رشيد كرامي الدولي ومن ثم الى الهيكلية، حيث يسمع دويه في كل أرجاء المدينة والمناطق المجاورة لها، وذلك على غرار بعض المدن اللبنانية الأساسية ذات الطابع الاسلامي والتي ما تزال تحافظ على هذا التقليد بواسطة الجيش اللبناني.


مواضيع ذات صلة:

  1. من هي أول مدينة إسلامية أطلقت مدفع رمضان؟… بشرى تاج الدين

  2. الفنان صلاح صبح (شكري) لـ″سفير الشمال″: الفن اليوم تحوّل الى مافيا!… بشرى تاج الدين

  3. أضحى مبارك.. عادات وتقاليد حول العالم… بشرى تاج الدين


 

Post Author: SafirAlChamal