أكثر من تحذير سمعه اللبنانيون من مسؤوليهم، خلال الأيام القليلة الماضية عن المخاطر التي تهدددهم، والتي تضع البلد على شفير هاوية تجعله مهدّداً بالسقوط فيها في أي وقت، إنْ لم تبدأ الحكومة وإدارات الدولة بإجراءات فعلية لتفادي سقوط مدوٍ لن ينجو منه أحد.
التحذير الأول جاء على لسان وزير المال علي حسن خليل، الذي أوعز إلى مديرية الصرف في وزارته طالباً منها عدم صرف أية مبالغ مالية سوى رواتب وأجور الموظفين، بعد الكلام عن مخاطر جدّية تهدد مالية الدولة التي تقف على حافة الإفلاس.
التحذير الثاني جاء على خلفية المعلومات التي أشارت إلى أن مبلغ 21 مليار دولار ضاعت في حسابات مصرف لبنان ومتاهاته، ما أثار هلعاً مالياً في الأسواق وبين المواطنين، لأنه من غير الممكن إقناع أحد أن هكذا مبلغ مالي ضخم يمكن له أن يضيع بسهولة، ما يثير الكثير من التساؤلات عن حجم الفساد القائم، وانعدام الشفافية، واستباحة المال العام بشكل لم يسبق له مثيل في أي بلد من بلدان العالم على هذا النحو، ويضع الآمال المعلقة على الأموال والهبات التي سيأتي بها مؤتمر “سيدر” في مهب الريح.
التحذير الثالث أطلقه وزير الخارجية جبران باسيل، الذي نبّه من أن إنهيار لبنان، إذا ما حصل، سيكون إقتصادياً بالمقام الأول، أي أن الإنهيار السّياسي والأمني والإجتماعي سيأتي بعده، ما دفعه للقول إن على اللبنانيين “تحضير أنفسهم لأيام صعبة، وقرارات موجعة، إذا لم يتوقف هدر المال العام، ولم يحصل تقشف في الموازنة العامة، ولم يتوقف عجز الكهرباء”.
التحذير الرابع كان طرابلسياً خالصاً، على عكس التحذيرات الثلاثة الأخرى التي تعني كل اللبنانيين. فعندما أعلنت اللجان النيابية المشتركة، قبل أيام، عن موافقتها على إنشاء منطقتين إقتصاديتين خاصتين في البترون وصور، شكّل ذلك ضربة موجعة لعاصمة الشمال، التي كانت تعوّل على المنطقة الإقتصادية الخاصة لتكون إحدى ركائز إنتشالها إقتصادياً.
قرار إنشاء منطقتين إقتصاديتين خاصتين يعني تجاوز قرار حصرية المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس، وفق ما أشار قانون إنشاءها. ويُخشى في هذه الحالة، وبعد مرور نحو 11 عاماً على إنشاء المنطقة الإقتصادية في طرابلس، وسط تقدم بطيء كالسلحفاة في تنفيذ الأشغال فيها، أن يتجمد العمل فيها لصالح المنطقتين الأخريين في البترون وصور، فتضيع الفرصة على طرابلس، ويكون مصير المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس كما مصير معرض رشيد كرامي الدولي، الذي حصرت الدولة إقامة المعارض الدولية فيه، لكن القرار بقي حبراً على ورق، وبقيت المعارض الدولية تقام خارجه وتحديداً في العاصمة وجوارها، وتحوّل المعرض إلى هيكل خرساني أكل الصدأ حديده وتصدّع الكثير من جدرانه المهدّدة بالإنهيار، ويكاد يتحوّل إلى أطلال في مدينة منكوبة على كل الصعد.
مواضيع ذات صلة:
-
فرعية طرابلس: ″المستقبل″ يواجه المرشّح الشبح… عبد الكافي الصمد
-
فرعية طرابلس: لا تزكية والمستقبل يواجه تحدّيات حقيقية… عبد الكافي الصمد
-
طموح باسيل الرئاسي: قفزٌ فوق الواقع وتجاهلٌ لكلمة السرّ… عبد الكافي الصمد