بعد أن بدت الأجواء إيجابية وإستبشر المواطنون بقرب الاتفاق على إقتراح قانون للانتخابات يبعد كأس التمديد أو الستين أو أمرّهما الفراغ، برز طرح يحمل في طياته فيدرالية مقنعة بلبوس طائفي ومذهبي يطالب بنقل أربعة مقاعد نيابية مسيحية بحجة أن وصول مرشحيها الى الندوة البرلمانية لا يتم بأصوات المسيحيين، ما ترك أكثر من علامة إستفهام حول هذا الطرح وتوقيته ومخالفته لروحية إتفاق الطائف، لاسيما أن حال المقاعد الأربعة المطروحة للنقل يشبه الى حد بعيد حال مقاعد موجودة باكثر من منطقة لبنانية حيث يصل مرشحوها المسلمين الى المجلس النيابي بأصوات المسيحيين.
فماذا لو طلب هؤلاء نقل المقاعد من حيث الغالبية المسيحية الى حيث الغالبية الاسلامية؟ يتساءل قطب نيابي بارز، معتبراً ان هذا الأمر خطير جداً وينطوي على رغبة بعدم الوصول الى التوافق على قانون جديد، عبر وضع العصي في الدواليب لان هكذا أمر مرفوض من قبل الجميع.
ويلفت القطب النيابي الى ان الرئيس الراحل سليمان فرنجيه عُرض عليه فصل بلدة مرياطة المسلمة عن قضاء زغرتا وضم بلدات كرم المهر وزغرتغرين وعيمار وكهف الملول وصخرة المسيحية الى قضاء زغرتا ونقلها من الضنية ذات الغالبية المسلمة، الا انه رفض هذا العرض رفضاً قاطعاً مصراُ على الحفاظ صيغة العيش الاسلامي ـ المسيحي التي بدونها لا معنى لوجود لبنان.
ويقول القطب النيابي: إن نقل المقاعد المسيحية من البقاع الى جبل لبنان هو جريمة بحق مسيحيي الاطراف التي يجب تجذيرهم بأرضهم وتعزيز دورهم بدل من مصادرته، أما نقل مقعد طرابلس الى البترون فهو خطيئة عظيمة بحق 40 الف ناخب مسيحي يتوزعون بين طرابلس والضنية والمنية ولديهم مطرانية مركزها عاصمة الشمال فهل ستنقل ايضاً المطرانية في وقت لاحق أسوة بمقعد طرابلس؟ وهل سيطالب 24 الف سني من ابناء زغرتا والكورة والبترون وبشري بمقعد لهم في هذه الدائرة؟.
يؤكد القطب النيابي ان هناك حتى الساعة من يرغب بالفراغ النيابي، لهذا يرمي من وقت لاخر حجراً في مياه راكدة، أو يطرح اموراً جدلية، في وقت يهددنا الفراغ من دون ان يعي أحد مدى خطورة هذا الفراغ على الوضع اللبناني المهزوز أصلا، بفعل ما يجري في المنطقة ودون ان يعي ايضاً ان الفراغ في البرلمان يقابله فراغ في مجلس الوزراء ويصبح البلد على “كف عفريت” ويفتح الباب أمام التشكيك بشرعية رئيس الجمهورية وربما يجرّ الى مؤتمر تأسيسي قد يطيح بالتوازنات السياسية والطائفية الراهنة وبالمناصفة ومعها اتفاق الطائف وربما هذه المرة لن تكون هناك رعاية دولية او إقليمية في ظل ما تشهده المنطقة من تطورات وفي ظل إهتمام كل دولة بمشاغلها وبكيفية دفع الإرهاب عنها.