سوق الصاغة في طرابلس.. متحفٌ إقتصادي ينبض بالحياة!..  صبحية دريعي

من بين الأزقة الشعبية وبالقرب من خان الصابون يقع سوق الصاغة او المعروف “بسوق الذهب”  أهم وأقدم الأسواق الموجودة في عاصمة الثقافة العربية طرابلس. 

أنشىء السوق منذ أكثر من ٨٠٠ عاما على يد صائغ روماني الأصل فتح أول محل لبيع الذهب  ليتشجع من بعده باقي التجار   الذين عمدوا إلى فتح العديد من محال  الصاغة بجواره  من ثم ورث أولادهم هذه التجارة وأصبح السوق بأكمله سوق لبيع الذهب.

أعيد بناؤه في عهد المماليك حين استلموا الحكم في طرابلس بعد الانتصار على الصليبيين لذلك أخذ سوق الصياغين طابعا مملوكيا في عمارته.

يتألف السوق من 120 محلا تصنع  اجود وافضل انواع الذهب ويمتاز سوق الذهب ببيع وصناعة جميع أنواع الذهب كالذهب الأبيض و الأصفر و الذهب الوردي وتختلف عيارات الذهب من  عيار  ١٤ الذي يعتبر العيار الأدنى حيث يحتوي على ٪؜ ٥٨.٥ من الذهب الخالص والباقي يكون معدن، يأتي ثانياً عيار ١٨ يحتوي على ٧٥٪؜ من الذهب الخالص و من ثمّ عيار ٢١ يحتوي على ٨٥٪؜ من الذهب أما عيار ٢٤ يتكوّن من الذهب الخالص بنسبة ١٠٠٪؜ بدون إضافة أية معادن أخرى.

يعتبر السوق المركز التجاري الاهم  حيث يقصده الزبائن من خارج طرابلس كما أنه بات مقصداً للسياح القادمين من الخارج، فلا يمكن للسائح ان يزور طرابلس دون المرور  بسوق الذهب التراثي وشراء اجود انواع الذهب والمجوهرات التي يحملوها معهم من  قلب طرابلس الى بلادهم.

يقول رئيس نقابة الصائغين في طرابلس  خالد النمل لسفير الشمال: “هذا السوق اثري يحوي عدة اماكن تراثية عريقة منها حمام العبد وحمام النوري وخان الصابون اضافةً الى البيوت الموجودة فوق المحال وهي جميعها بيوت أثرية تعود الى مئات السنين”.

وأضاف: “أكثر ما يميز الصاغة في  طرابلس هو التصنيع للأشكال الهندسية المتقنة فالموجود في سوق الذهب نادراً ما تلقاه في سوق آخر، والدليل على ذلك الزبائن التي تقصدنا  من خارج طرابلس في حين أن أسعارنا هنا مختلفة عن اسعار الاسواق الاخرى كما يمكن للزبون ان يجد طلبه بسرعة نظراً لتنوع اشكال المجوهرات وانواع الذهب”.

وتابع”في هذه الأيام الصناعة الإيطالية والبيروتية هي الأكثر طلباً لأنها تحتوي على أحجار ملوّنة كالأحجار الزرقاء و تبقى الأنواع الثقيلة مطلب العروس التي تأتي لاختيار القطع ذات عيار الأربعة والعشرين أو ذات عيار الواحد والعشرين”

السيدة عفاف إحدى اللواتي يقصدن سوق الذهب من عكار تقول: “عرس ابنتي الشهر المقبل وقد أتيت من عكار لشراء المجوهرات، ودائما نقصد انا وعائلتي سوق الذهب في كل المناسبات لشراء ما نحتاجه من ذهب و مجوهرات والأسعار جداً مناسبة ودائماً نخرج بأجمل الموديلات”.

يشرح خالد البطش صاحب احد محال بيع الذهب، مسيرة  عمله في صناعة الذهب  فيقول: “بدأت العمل في الخامسة عشر مع والدي، حينها  علمني طلاء الذهب ثم التصليح ومن ثم التصنيع، ومن اهم المواد في التصنيع هي البورق والاوكسجين والغاز لتذويب الذهب و السلندر لسحب سبايك الذهب اما الالتراسونيك فهو لتنظيف الذهب والروديوم لطلاء الذهب وتحويله من اصفر الى ابيض”

 واضاف: “لدينا زبائن تقصدنا من خارج طرابلس وهذا ما يميز السوق، هي الثقة الموجودة لدى الزبون والتي تجعله يقطع مسافات طويلة لشراء ما هو مناسب له، اما حركة البيع فقد تحسنت كثيراً عن السنتين الماضيتين، حيث بعد الأزمة الإقتصادية تراجع العمل كثيراً حيث كان الزبون يقدم فقط على بيع قطع الذهب التي يملكها دون شراء، اما اليوم فحركة البيع  في تقدم كما ان البعض يلجأ الى تبديل قطعه القديمة  بجديدة مقابل  دفع مبالغ اقل “

زائر سوق الذهب يمكنه الإستمتاع بمشاهدة المباني الأثرية والتعرف على حقبات مختلفة من تاريخ المدينة، هي أسواقٌ من عمر طرابلس تحمل حجارتها بصمات صمودها حتى باتت اليوم متحفاً اقتصادياً ينبض بالحياة!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal