بين عام إنقضى وعام أقبل: لا عيديات للبنانيين!.. عبدالكافي الصمد

لا يعني إنتهاء عطلة الأعياد أمس، وعودة دورة الحياة إلى طبيعتها اليوم الإثنين، بأنّ الأزمات والقضايا العالقة ستجد طريقها نحو الحلّ والمعالجة، وبأنّ نقاشات جدّية سوف تحصل بين مختلف المعنيين للخروج من عنق الزجاجة، وأنّ بداية العام الجديد ستحفل بانطلاقة مبشّرة لانتشال البلد من القعر الذي سقط فيه.

فما انتهى عليه العام الماضي لا يُنتظر أن يتغيّر مع مطلع العام الجديد، ولا يتوقع أشدّ المتفائلين بأنّ تغييراً ما سيحصل هذا العام، إلا إذا حصلت تطوّرات كبيرة في المنطقة، على شكل تسويات بين القوى الفاعلة والمؤثّرة في الملف اللبناني، لإيقاف الإنهيار في المقام الأوّل، وإيجاد حلول ولو جزئية لمشاكله العديدة والشّائكة.

في سنوات ما قبل إندلاع شرارة الأزمة التي بدأت بالتزامن مع حَرَاك 17 تشرين الأوّل عام 2019، كانت فترة الأعياد فرصة لإجراء إتصالات ونقاشات هادئة بين المعنيين بعيداً عن الضوضاء بما يتعلق بمختلف الأزمات والمشاكل التي ودّعها عام إنقضى، وسط آمال أن تجد لها مخارج في العام الجديد؛ وكان تبادل التهاني بالأعياد بين المسؤولين فرصة لهذه النقاشات والإتصالات، وكان كثير من الحلول والتسويات تطبخ على نار هادئة خلال فترة الأعياد هذه، على أن يعلن عنها وتجد طريقها إلى التنفيذ بعد ذلك.

هذه “العيديات” إختفت بشكل ملحوظ في السّنوات الأخيرة بعدما أرخت الأزمات بثقلها على البلد، سياسياً لجهة الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى منذ أكثر من سنة وثلاثة أشهر، والشّلل الذي تعاني إدارات الدولة ككل، والإنهيار المالي والإقتصادي الذي جعل حياة اللبنانيين معيشياً وإجتماعياً تتحوّل إلى جحيم بكلّ ما للكلمة من معنى.

أكثر من ذلك. فالأيّام الأخيرة من العام الماضي والأيّام القليلة من العام الجديد كانت حافلة بتطورات أمنية خطيرة في الجنوب، بحيث لم يتوقف خلالها العدوان الإسرائيلي على لبنان وسقط معه شهداء وجرحى، محدثاً أضراراً مادية كبيرة وشللاً في مجمل نواحي الحياة في قسم كبير من أراضي الجنوب المتاخم لفلسطين المحتلة.

وقبل أن يطوي العام الجديد يومه الثاني، أقدم الإسرائيليون على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس صالح العاروري، مساء يوم الثلاثاء 2 كانون الثاني الجاري في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، في تطوّر اعتبر داخل لبنان الأخطر منذ عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول من العام الماضي، فاتحاً المجال أمام شتى الإحتمالات وأسوأها، لعل أخطرها أن يكون لبنان ساحة الحرب المقبلة والعدوان الجديد الذي يشنّه جيش الإحتلال الإسرائيلي، بعد قطاع غزّة.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal