دولٌ تدعو رعاياها لمغادرة لبنان.. تهويلٌ أم إقترابٌ لنيران الحرب؟… عبدالكافي الصمد

منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة في 7 تشرين الأول الجاري، والتعاطي معها كونها حدثاً غير مسبوق أمنياً وعسكرياً منذ نشأة الكيان الصهيوني عام 1948، حيث أسهمت في كسر شوكته وإظهار نقاط الضعف فيه كما لم تظهر من قبل، توجّهت كلّ الأنظار إلى لبنان لمعرفة ردّ فعل حزب الله وحلفائه حيال التعاطي مع أحداث القطاع وتطوراتها.

هذا الترقّب لكيفية تطور العمليات العسكرية والحرب الدائرة في غزة حيث ترتكب إسرائيل يومياً مجازر ضد الفلسطينيين هناك، والتوتر الأمني الذي رافقها في الجنوب اللبناني منذ ذلك الحين، الذي يُهدد بتصعيد أكبر في حال تطوّرت الحرب في غزة نحو قيام القوات الإسرائيلية باقتحامه كما هدّدت منذ اليوم الأول الذي أعقب عملية “طوفان الأقصى”، رافقه تطور ديبلوماسي لافت في لبنان إستدعى توقف الكثيرين، في الداخل والخارج، عنده.

هذا التطوّر تمثل في دعوة دول عربية وأجنبية رعاياها إلى مغادرة لبنان سريعاً، كما وجّهت نصائح عاجلة إلى هؤلاء دعتهم فيها إلى عدم الذهاب إلى لبنان، بعدما اعتبرته بلداً خطراً على حياتهم، وطالبت من اضطر منهم أن يبقى في لبنان بأن يتخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، إلى جانب أنّها قامت بسحب عدد من موظفيها مع عائلاتهم من لبنان إلى بلدان مجاورة، أو إعادتهم إلى بلدانهم.

واللافت أنّ هذه الدعوات لم تتوقف منذ اليوم الأول لبدء عملية طوفان الأقصى قبل أكثر من أسبوعين ونيّف. فما إن يدعو بلد ما رعاياه لمغادرة لبنان حتى يتبعه بلد آخر، وكأنّما هناك لدى هذه الدول معلومات معينة عن أن لبنان ذاهب نحو توتر أمني كبير، أو أن معلومات هذه الدول تقاطعت مع بعضها حول هذا الأمر، ما دفعها للقيام بما تقوم به ديبلوماسياً تجاه رعاياها.

كلّ ذلك دفع اللبنانيين إلى إبداء الكثير من القلق على مستقبلهم ومستقبل بلدهم، وما يمكن أن تحمله لهم الأيّام المقبلة من تطوّرات. وتزامن هذا القلق الذي ترتفع وتيرته في كلّ يوم تقريباً، مع إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يوم أمس، بأنّ الحرب الدائرة في قطاع غزة “ستستغرق شهراً أو شهرين أو ثلاثة”، وإطالة أمد الحرب على هذا النحو يعني أنّ خطر إقتراب نيرانها من لبنان يبقى قائماً بقوة.

أكثر من ذلك، فإنّ تسريبات إعلامية تحدثت عن أنّ الدول التي طلبت من رعايها أن يغادروا لبنان سريعاً قد أعطتهم مهلة تنتهي هذا الأسبوع على أبعد حدّ، ما أثار مخاوف أن يكون خطر قيام إسرائيل باعتداء على لبنان قد اقترب موعده، إلا إذا كان كلّ الذي يحصل مجرد تهويل للضغط على قوى محور المقاومة، سياسياً وأمنياً وإعلامياً، وأن يقف الأمر عند هذا الحدّ.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal