خلاف “الخماسية” يُدخل لبنان في لعبة المحاور!… غسان ريفي

لم يكن ينقص اللبنانيين الغارقين في إنقساماتهم التي تحول دون إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وتُمعن في شلّ الدولة ومؤسساتها الدستورية والادارية، إلا الخلاف المستجد بين أعضاء اللجنة “الخماسية” على أدوار ومهمات كل منهم، والذي “يزيد الطين بلة”، ويحوّل الانقسام الى محاور ومتاريس ومراكز نفوذ لكل دولة، الأمر الذي يُنذر بمخاطر كبرى إضافية، خصوصا أن لبنان كلما دخل في لعبة المحاور كلما دفع أثمانا باهظة.
ما إن تسربت أخبار الخلاف ضمن اللجنة الخماسية حتى إنعسكت بشكل فوري على الداخل اللبناني، فسارع كل تيار سياسي الى الوقوف خلف الدولة التي تلبي طموحه في الملف الرئاسي، ما قد يضاعف من تعقيدات المرحلة التي باتت تحتاج الى طاولة حوار لـ”الخماسية” للتوافق على رؤية موحدة تجاه لبنان وعلى من سيكمل الوساطة الرئاسية، ومن ثم معالجة الانقسامات اللبنانية لترجمة نتائج الوساطة في إتمام الاستحقاق الرئاسي.
يبدو واضحا أن نتائج الاجتماع الأخير لـ”الخماسية” في نيويورك وما شهده من محاولات لمصادرة المبادرة الفرنسية وتعطيلها بحجة إنتهاء الفترة الزمنية المعطاة لها وإعتراضا على سلوك جان إيف لودريان والمواقف التي أطلقها خلال جولته الثالثة، لم يرق لبعض الكتل النيابية التي رفضت تعطيل الدور الفرنسي بعد كل الجهود التي بذلت، في حين رحبت كتل نيابية أخرى بالدور القطري المستجد والبديل عن الفرنسي، لا سيما من قبل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إنطلاقا من المصلحة التي تربطه بالقطريين الذين يعملون من خلال مكتب محاماة على رفع العقوبات الأميركية عنه.
كذلك، من غير المستبعد أن يسارع نواب الى تبني الموقف السعودي، أو أن يدعم آخرون الرؤية الأميركية والضغط الذي تمارسه على فرنسا.
ما شهدته اللجنة الخماسية، إستفز الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي أكد أن “الأزمة الرئاسية عادت الى نقطة الصفر”، معتبرا أن “نتائج إجتماع اللجنة الخماسية هي لعب مع اللبنانيين، وتغذي النظريات السخيفة لمن يريد الفراغ”، رافضا ما يجري من تهميش لمهمة لودريان، وداعيا السعودية الى أن “تشرح لنا ماذا تريد لأن الأمور أصبحت بمستوى صارخ وغير مقبول”.
وفي الوقت الذي سارع فيه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الى إستغلال موقف جنبلاط في إطار تصفية الحسابات معه، معتبرا أن ما قاله “شطحة سياسية”، تؤكد مصادر مقربة من اللقاء الديمقراطي لـ”سفير الشمال” أن “ما قاله جنبلاط هو تهكم على فشل اللجنة الخماسية التي إذا لم تكن متوافقة فيما بينها فيكف تستطيع أن تدفع اللبنانيين الى التوافق؟”.
وتشدد المصادر على أن كلام جنبلاط “لا يوجد فيه إستهداف للسعودية بل هو تأكيد على دورها في إتمام الاستحقاق”، لافتة الى أنه ما يزال على موقفه الداعي الى وجود “غطاء مسيحي لرئيس يحظى بقبول عربي وخليجي”.
في المقابل، بلع حزب القوات اللبنانية لسانه، عندما شعر بأن إنطلاق المهمة القطرية قد ترجح كفة قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، فتراجع عن دعمه عبر النائب فادي كرم الذي نفى أن تكون القوات تدعم قائد الجيش، في حين أن جعجع لطالما ردد في تصريحاته بأن القوات لا تمانع من وصول قائد الجيش حتى عندما كان يرشح النائب ميشال معوض.
هي المحاور تلعب بلبنان، ففي الوقت الذي تتهم فيه بعض التيارات فريقا سياسيا بأنه يسير في ركب محور الممانعة ويريد فرض رئيس على اللبنانيين، يتجه الفرز الى مزيد من الوضوح، مع نشوء محور فرنسي، ومحور سعودي، ومحور قطري ومحور أميركي، ما يؤكد أن عدوى الانقسامات في لبنان لم تضرب اللجنة الخماسية فحسب، بل أدخلتها الى العناية الفائقة وباتت تحتاج الى لجنة لمعالجة مشاكلها فيما لبنان على لائحة الانتظار الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal