الراعي في عشاء رعية سيدة لبنان في ملبورن: جوهر مشكلتنا في لبنان إنعدام ثقة المسؤولين ببعضهم البعض

ألقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي كلمة في عشاء رعية سيدة لبنان في ملبورن قال فيها: “نحن سعداء لوجودنا معكم في هذه الأمسية، أنتم رعية سيدة لبنان في ملبورن للإحتفال باليوبيل الذهبي لأبرشيتنا في أوستراليا ومن أجل اللقاء حول مأدبة المحبة. والتحية لراعي الابرشية المطران انطوان طربيه الذي وخلافاً للقاعدة، لا يكتفي بالقول فقط وانما الفعل عنده امراً اساسياً وهو حاضر دائماً لتقديم الأفعال وترجمتها، وهذا ما أدركناه هذه الليلة من خلال تضامنكم أنتم أيضا معه ودعمكم لمبادرته بتقديم المساعدة لطلابنا في المدارس في لبنان، وسط ما يشهده بلدنا من أزمة خانقة أثرت بشكل كبير على طلابنا في المدارس، فأراد سيدنا هذا العشاء ليكون ريعه بفضل مشاركتكم ومساهمتكم الى طلاب المدارس في لبنان”.
 
أضاف: “هذه هي ثروتنا، تلامذتنا الذين يتفوقون أينما ذهبوا، واذا خيرتم أهلنا في لبنان بين تعليم أولادهم أو تقديم الغذاء لهم، لفضلوا العلم من دون تردد، وهذا ما يميز أبناءنا في لبنان حول العالم، ذلك ان التعليم هو اساسي بالنسبة لهم. وهم يحاولون تدمير هذا القطاع، ولكننا لن نستسلم ابداً، لأن التعليم بالنسبة لنا هو مسألة حياة او موت. أجدد شكري لكم على مبادرتكم اللافتة والمؤثرة وبإسم جميع المدارس والطلاب الذين سيتلقون مساعداتكم نقول لكم شكراً. لقد زرنا جماعاتنا وأبرشياتنا حول العالم والتقينا جميع المسؤولين وسألناهم عن أبنائنا فأجابوا بأنهم خلاقون وهذا امر نفتخر به كثيراً. ونوجه شكرنا للسلطات المدنية في أوستراليا التي فتحت ابوابها لجاليتنا، لكي تحقق ذاتها وتساهم في نمو البلد والمجتمع، وأنتم بروحانياتكم وأخلاقكم تساهمون في ازدهار ونمو هذا البلد الذي نشكره من قلبنا. وبالعودة الى لبنان الذي تحملوه في قلبكم، انتم تساعدونه كثيراً ولولا شعبنا المنتشر حول العالم ؛أوستراليا، الخليج، كندا وأفريقيا ومساعداتهم لمات أهلنا من الجوع. فليفتح الرب أبواب الخير لكم على عطاءاتكم وليبارككم.
لقد قام سيدنا طربيه منذ ثلاث سنوات بمبادرة مميزة أرسل من خلالها القمح الى لبنان فتمت زراعته وهذه المساعدة تثمر من سنة الى اخرى، ويمكن القول انها مستدامة، لان الناس يستفيدون من زراعة القمح سنوياً، وهذه رؤية ممتازة أن نقدم مساعدة يمكن الإستفادة منها على أمل طويل”.
 
واعتبر ان “جوهر مشكلتنا في لبنان هو انعدام ثقة المسؤولين ببعضهم البعض بكل أسف والشعب لم يعد يثق بلبنان، لقد فقدوا الثقة لأنهم غير مخلصين لبعضهم البعض فلكل مصلحته المؤمنة وهم لا يريدون البحث حول الطاولة عن إيجاد حل لمشكلة لبنان وما من أحد منهم يريد الخسارة. عند فقدان الثقة يكون الخطر كبيراًجداً، فهي عنصراً أساسياً في الحياة، الا انه مفقود في لبنان، وهذا امر مؤسف جدا. ويبقى الأمر الاساسي المذكور في مقدمة الدستور، والذي ينص على ان لبنان وطن نهائي لكل ابنائه، ولكن للاسف ابناؤه ليسوا جميعاً للبنان وهذا امر مخزي. بالنسبة لنا ككنيسة ثقتنا كبيرة بلبنان وبجميع اللبنانيين ونعمل بشكل دؤوب للحفاظ على هذه الجوهرة في الشرق، ولا يمكننا على الرغم من كل الصعوبات ان نرمي سلاح الإيمان، ونعمل ليلاً ونهاراً للحفاظ على وطننا الذي جعله الله مميزاً في محيطه. ونحن ككنيسة وأكثر من أي وقت مضى، نثق بلبنان وبكل اللبنانيين، وعملنا دؤوب لتثبيت الثقة بين جميع اللبنانيين، ونحن نثق بلبنان وبشعبه وبقيادته”.
 
وتجدر الإشارة الى ان العشاء التكريمي جاء بدعوة من الرعية المارونية في ملبورن، على شرف بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في حضور راعي الأبرشية المارونية في أوستراليا ونيوزلندا المطران انطوان شربل طربيه والمطران بولس الصياح، خادم رعية سيدة لبنان المونسينيور جو طقشي ومدير مكتب الاعلام والبروتوكول في الصرح البطريركي وليد غياض، وشارك في العشاء الذي اقيم في صالة مارون التابعة للكنيسة، ممثل رئيس حكومة فيكتوريا وزير التعددية الثقافية كولين بروك، المطران المساعد في ابرشية ملبورن انطوني ارليند، قنصل لبنان العام الدكتور زياد عيتاني، النائبان بيتر خليل ومايكل سكر، الوزيرة السابقة مارلين كيروز، القنصل الفخري اللبناني لولاية تازمانيا فادي الزوقي، ممثل مفوض الشؤون الاثنية محمد محي الدين، المدبر ابراهيم بو راجل ممثلا الرئيس العام للرهبنة الانطونية المارونية الاباتي جوزف بو رعد، الرئيسة العامة للراهبات الانطونيات الاخت نزها الخوري، النائب الابرشي المونسنيور مارسيلينو يوسف، الاب شارل حتي، الخوري ريشار جبور والاب جوني سابا وممثلون عن الكنائس الشرقية. وشارك في المناسبة أيضا ممثلو احزاب وتيارات: القوات اللبنانية، التيار الوطني الحر، تيار المستقبل، حزب الكتائب، الحزب التقدمي الإشتراكي، تيار المردة والحزب السوري القومي بالإضافة الى حشد من رؤساء الجمعيات والمؤسسات وأبناء الجالية اللبنانية.
 
وافتتحت المناسبة بالنشيدين اللبناني والاوسترالي، ثم قدم فادي جودة الاحتفال فرحب بالبطريرك الراعي والحضور، فكلمة خادم رعية سيدة لبنان المونسينيور جو طقشي الذي رحب بالبطريرك الراعي وتحدث عن تاريخ الرعية في اوستراليا وعدد انجازاتها في المجالات التربوية والاجتماعية، منوهاً بدور الذين خدموا الرعية من الكهنة والعلمانيين. كما تحدث عن المساعدات التي قدمتها الرعية للمحتاجين في لبنان في هذه الظروف الصعبة.
 
طربيه 
وقال المطران طربيه في كلمته: “إنه لشرف عظيم لي أن أرحب نيابة عنكم ترحيبا حارا بصاحب الغبطة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في ملبورن. فزيارتك سيدنا هي رحلة رسولية ومصدر بركة كبيرة لطائفتنا المارونية المضيافة”.
 
وذكر بزيارة الراعي التاريخية في العام 2014، مشددا على “اهمية ” الزيارة الحالية للإحتفال بالقداس الإلهي بمناسبة اليوبيل الذهبي للأبرشية المارونية في أوستراليا.
 
وقال: “أثناء وجودك معنا، ستترأس المؤتمر السادس لأساقفة الانتشار الموارنة والرؤساء العامين للطائفة. إن هذا المؤتمر المهم سوف يعقد في المركز المبني فوق ضريح القديسة مريم ماكيلوب في سيدني، وسيتناول بجرأة التحديات والفرص التي تواجهها مجتمعاتنا المارونية خارج حدود المجال البطريركي”.
 
وأوضح ان “عدد أبناء الطائفة المارونية في فيكتوريا يبلغ أكثر من 50 ألف نسمة ولديها الكثير مما تفتخر به من خلال إنجازاتهم الرائعة ومنها بناء كنيسة سيدة لبنان والمراكز الإجتماعية والتعليمية، وتأسيس رعية وكنيسة مار شربل على يد الرهبان الأنطونيين، وهم ممثلون في هذه الليلة بالأب إبراهيم بو راجل والأب شارل حتي”، منوها بحضور الاخت  الرئيسة نزهة خوري التي حضرت من لبنان للمشاركة بهذه المناسبة.
 
كما أثنى على “العمل المستمر والدؤوب الذي يقوم به المونسنيور طقشي، الذي كان رائدا في بناء هذه الكنيسة، وقد خدم رعيتنا طوال 45 سنة، إلى جانب مساعديه الحاليين، الأبوين ريتشارد جبور وجوني سابا”، مؤكدا ان “مجتمعنا غني بالذين خدموا في المناصب العامة هنا في فيكتوريا، ومن بينهم النائب مايكل سكر”.
 
واعتبر ان “الكنيسة المارونية فريدة إلى حد ما في تجربة الأوستراليين. وهو أمر نتقاسمه مع الكاثوليك الآخرين من الطوائف الشرقية، وخاصة الكلدان والسريان الكاثوليك. ولأن تاريخنا وتقاليدنا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بلبنان، فإن هناك تماسكاً عند الموارنة يبرر وصف أنفسنا بأننا أمة موجودة الآن في جميع أنحاء العالم. إن التوسع العالمي للموارنة يعني أن زيارات البطريرك هذه تكتسب أهمية أكبر لأنها تعزز الارتباط بين جميع الموارنة أينما كانوا على وجه الأرض، ومهما ارتحلوا”.
 
وختم طربيه: “إن أحد الالتزامات الدائمة للموارنة هنا في أوستراليا كان ولا يزال تضامنهم مع إخوتهم في لبنان. فببركاتكم سيدنا، اختارت أبرشيتنا تخصيص الأموال التي تم جمعها من عشاء اليوبيل في كل من ملبورن وسيدني لدعم الطلاب المحتاجين في المدارس في لبنان. إن الكرم الذي لا يتزعزع لمجتمعنا الماروني الأوسترالي يضيء كمنارة أمل لعدد لا يحصى من الطلاب وعائلاتهم الذين يواجهون تحديات إقتصادية وأزمات متعددة في لبنان. وسيكون لكل تبرع تأثيراً كبيراً من خلال تغطية الرسوم المدرسية مباشرة للطلاب المحتاجين”.
 
كيروز
بدورها رحبت كيروز بالبطريرك الراعي، ونوهت بدور الجالية المارونية واللبنانية في أوستراليا، معددة نجاحاتهم في مختلف الميادين، كما أثنت على دعم ابناء الجالية لاهلهم في لبنان.
 
وتخلل الإحتفال عرض شريطي فيديو عن تاريخ الموارنة والأبرشية في أوستراليا والصعوبات التي تواجهها المدارس في لبنان.



Related Posts


Post Author: SafirAlChamal