ضربتان لـ”رسالة” لودريان.. “إستعمار” فرنسي و”رفض” لبناني!… عبدالكافي الصمد

قبل أن يُعاود الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان نشاطه الشّهر المقبل، وقيامه بجولة ثالثة على الكتل والنواب لمناقشة إستحقاق إنتخابات رئاسة الجمهورية معهم، واستخلاص أجوبتهم على رسالته التي وجّهها إليهم طالباً منهم الردّ عليها قبل نهاية شهر أيلول المقبل، تلقى ضربتين أجهضتا مسعاه مسبقاً، ووضعت مصير مهمته على كفّ عفريت.
الضربة الأولى جاءته من داخل بلاده، عندما أشارت عضو مجلس الشّيوخ الفرنسي ناتالي غوليه في تصريح لها عبر منصّات وسائل التواصل الإجتماعي تعليقاً منها على رسالة لودريان، إلى أنّه “بعد الإزدراء، كي لا نقول حماقة السّياسة الفرنسية في إفريقيا، ها هو جان إيف لو دريان يستجوب البرلمانيين اللبنانيين مع طلب الإجابة إلى السفارة الفرنسية. لا، ولكن بجدية، لبنان ليس مستعمرة. لماذا يقع مستوى فرنسا بهذه الطريقة؟ إنّها إهانة للبنانيين”.
موقف غوليه لم يكن بعيداً عن مواقف كتل ونوّاب وأحزاب وشخصيات لبنانية أبدوا إعتراضهم الشّديد على “رسالة” لودريان، والأسلوب الذي اتبعه في استجواب النوّاب بشكل ظهروا وكأنّهم تلاميذ مدارس إبتدائية أو معتقلين وأسرى لدى سلطات فرنسا، وفتحت الباب واسعاً أمام مزيد من المواقف والردود السّلبية الرافضة لرسالة الموفد الفرنسي، وتوجيه صفعة سياسية إليه.
فالطريقة التي سار عليها لودريان وسفارة بلاده في بيروت، أظهرت “قلّة إحترام” و”انعدام اللياقة” في التعامل مع كتل ونوّاب لهم حيثيتهم السّياسية والشّعبية في بلادهم، ما أثار ردود فعل رافضة للرسالة الفرنسية وأسلوبها في التعاطي مع مكونات لبنانية بشكل يفتقد إلى الحدّ الأدنى من الدبلوماسية، ويُفقد فرنسا دورها كوسيط مقبول من القوى اللبنانية على اختلافها، بمن فيها المقرّبة من “الأمّ الحنون”.
هذا الرفض جاء سريعاً من قوى المعارضة اللبنانية، عندما وقّع 32 نائباً محسوبين على حزبي القوّات اللبنانية والكتائب ونوّاب تغييريين ومستقلين بياناً رفضوا فيه علناً الحوار المرتقب الذي تنوي فرنسا إجراءه في سفارتها في قصر الصنوبر في بيروت الشهر المقبل، ليس اعتراضاً على الرسالة الفرنسية، بل تواروا خلف رفضهم الجلوس مع حزب الله على طاولة واحدة، بسبب “عدم جدوى أي صيغةِ تحاورٍ مع حزب الله وحلفائه”، وفق قولهم، وأنّ طرح لودريان إجراء حوارمع حزب الله سـ”يكون مرفوضاً”، ومؤكّدين أنّهم ليسوا في صدد إرسال أجوبة خطيّة للموفد الفرنسي.
هذا الرفض من قوى المعارضة لرسالة لودريان قابله تريّث من قبل بقية الفرقاء سواء التيّار الوطني الحرّ أو اللقاء الديمقراطي أو الثنائي الشيعي وحلفائهما، الذين لم يحدّدوا بعد موقفهم من الرد على رسالة لودريان، وهو تريّث قد يمتد إلى نهاية شهر آب الجاري، من غير أن يتلقى صندوق بريد السّفارة الفرنسية أيّ جواب، أو أن يتلقى ردوداً قليلة، ما سيشكل “صفعة” للموفد الفرنسي وبلاده، قد تدفعه إلى تعليق مهمته وعدم المجيء إلى لبنان مجدّداً.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal